وقال* [ص] * : معنى (تُفَنِّدُونِ) : تسفّهون ، انتهى ، وقولهم : (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) : يريدون : لفي انتلافك في محبّة يوسف ، وليس بالضّلال الذي هو في العرف ضدّ الرشاد ؛ لأن ذلك من الجفاء الذي لا يسوغ لهم مواجهته به.
وقوله سبحانه : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) : روي عن ابن عبّاس ؛ أن البشير كان يهوذا ؛ لأنه كان جاء بقميص الدّم (١) و (بَصِيراً) : معناه : مبصرا ، وروي أنه قال للبشير : على أيّ دين تركت يوسف؟ قال : على الإسلام ؛ قال : الحمد لله ؛ الآن كملت النعمة.
(قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(١٠٠)
وقوله تعالى : (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا ...) الآية : روي أنّ يوسف عليهالسلام لما غفر لإخوته ، وتحقّقوا أنّ أباهم يغفر لهم ، قال بعضهم لبعض : ما يغني عنا هذا إن لم يغفر الله لنا ، فطلبوا حينئذ من يعقوب عليهالسلام أن يطلب لهم المغفرة من الله تعالى ، واعترفوا بالخطإ ، فقال لهم يعقوب : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي).
* [ت] * : وعن ابن عباس ؛ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لعليّ رضي الله عنه : «إذا كان ليلة الجمعة ، فإن استطعت أن تقوم في ثلث اللّيل الآخر ، فإنّها ساعة مشهودة والدّعاء فيها مستجاب ، وقد قال أخي يعقوب لبنيه : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) ، يقول : حتّى تأتي ليلة الجمعة ...» (٢) وذكر الحديث ، رواه الترمذيّ ، وقال : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم ، ورواه الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» ، وقال : صحيح
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٣ / ٢٨٠)
(٢) أخرجه الترمذي (٥ / ٥٦٣ ، ٥٦٥) كتاب «الدعوات» باب : دعاء الحفظ ، حديث (٣٥٧٠) ، والحاكم (١ / ٣١٦) من طريق الوليد بن مسلم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، وعكرمة ، عن ابن عباس به.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم.
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين.
وقال الذهبي : هذا حديث منكر شاذ ، أخاف ألا يكون موضوعا ، وقد حيرني والله جودة إسناده.