في «أمره» يحتمل أن يعود على يوسف ؛ قاله الطبري (١) ، ويحتمل أن يعود على الله عزوجل ؛ قاله ابن جبير ، فيكون إخبارا منبّها على قدرة الله عزوجل ليس في شأن يوسف خاصّة ، بل عامّا في كل أمر ، و «الأشدّ» : استكمال القوة وتناهي بنية الإنسان ، وهما أشدّان : أولهما ، البلوغ ، والثاني : الذي يستعمله العرب.
وقوله سبحانه : و (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) : يحتمل أن يريد بالحكم : الحكمة والنبوّة ، وهذا على الأشد الأعلى ، ويحتمل أن يريد بالحكم : السلطان في الدنيا وحكما بين الناس ، وتدخل النبوّة وتأويل الأحاديث وغير ذلك في قوله : (وَعِلْماً) ، وقال ابن (٢) العربيّ : (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) : الحكم : هو العمل بالعلم. انتهى.
وقوله سبحانه : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) : عبارة فيها وعد للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، أي : فلا يهولنّك فعل الكفرة وعتوّهم عليك ، فالله تعالى يصنع للمحسنين أجمل صنع.
(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ)(٢٤)
وقوله سبحانه : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ) : المراودة : الملاطفة في السّوق إلى غرض ، و (الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها) هي زليخا امرأة العزيز ، وقوله : (عَنْ نَفْسِهِ) : كناية عن غرض المواقعة ، وظاهر هذه النازلة أنها كانت قبل أن ينبّأ عليهالسلام ، وقولها : (هَيْتَ لَكَ) : معناه : الدّعاء ، أي : تعال وأقبل على هذا الأمر ، قال الحسن : معناها : هلمّ ، قال البخاريّ : قال عكرمة : (هَيْتَ لَكَ) بالحورانيّة : هلمّ.
وقال ابن جبير : تعاله ، انتهى.
وقرأ هشام عن ابن عامر (٣) : «هئت لك» ـ بكسر الهاء والهمز وضمّ التاء ـ ، ورويت عن أبي عمرو ، وهذا يحتمل أن يكون من هاء الرجل يهيء ، إذا حسن هيئته ، ويحتمل أن يكون بمعنى : تهيّأت ، و (مَعاذَ) : نصب على المصدر ، ومعنى الكلام : أعوذ بالله ، ثم
__________________
(١) ينظر : «تفسير الطبري» (٧ / ١٧٤)
(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٠٨٢)
(٣) ينظر : «السبعة» (٣٤٧) ، و «الحجة» (٤ / ٢٣) ، و «إعراب القراءات» (١ / ٣٠٧) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٣٨٠) ، و «العنوان» (١١٠) ، و «شرح شعلة» (٤٣٨) ، و «إتحاف» (٢ / ١٤٣) ، و «حجة القراءات» (٣٥٨)