في كلام العرب : العطيّة.
(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١) وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ)(١٠٦)
وقوله سبحانه : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى ...) الآية : (ذلِكَ) : إشارة إلى ما تقدّم من ذكر العقوبات النّازلة بالأمم المذكورة ، (مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ) : أي : منها قائم الجدرات ، ومتهدّم دائر ، والآية بجملتها متضمّنة التخويف وضرب المثل للحاضرين من أهل مكّة وغيرهم ، وال (تَتْبِيبٍ) : الخسران ؛ ومنه : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) [المسد : ١].
وقوله : (وَكَذلِكَ) : الإشارة إلى ما ذكر من الأخذات في الأمم ، وهذه آية وعيد يعمّ قرى المؤمنين والكافرين ، فإنّ «ظالمة» : أعمّ من «كافرة» ، وقد يمهل الله تعالى بعض الكفرة ، وأما الظّلمة ، فمعاجلون في الغالب ، وقد يملي لبعضهم ، وفي الحديث ، من رواية أبي موسى ؛ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله يملي للظّالم حتّى إذا أخذه ، لم يفلته» ، ثم قرأ : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ ...) الآية (١) ، وهذه قراءة الجماعة ، وهي تعطي بقاء الوعيد ، واستمراره في الزمان ؛ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) : أي : لعبرة وعلامة اهتداء ، (لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ) ، ثم عظّم الله أمر الآخرة ، فقال : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) ، وهو يوم الحشر ، (وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) يشهده الأوّلون والآخرون ؛ من الملائكة ، والإنس ، والجنّ والحيوان ؛ في قول الجمهور ، (وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) لا يتقدّم عنه ولا يتأخّر.
__________________
(١) أخرجه البخاري (٨ / ٢٠٥) كتاب «التفسير» باب : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ، حديث (٤٦٨٦) ، ومسلم (٤ / ١٩٩٧ ـ ١٩٩٨) كتاب «البر والصلة» باب : تحريم الظلم ، حديث (٦١ / ٢٥٨٣) ، والترمذي (٥ / ٢٨٨) كتاب «التفسير» باب : ومن سورة هود ، حديث (٣١١٠) ، وابن ماجه (٢ / ١٣٣٢) كتاب «الفتن» باب : العقوبات ، حديث (٤٠١٨) ، والنسائي في «التفسير» رقم : (٢٦٥) ، من حديث أبي موسى الأشعري.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٣٢) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في «الأسماء والصفات».