منه ، يتقدّمها علم بفساد المتوب منه ، وصلاح ما يرجع إليه ، ويقترن بها ندم على فارط المتوب منه ، لا ينفكّ منه ، وهو من شروطها و (مِدْراراً) بناء تكثير ، وهو من درّ يدرّ ، وقد تقدّمت قصة «عاد».
وقوله سبحانه : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) ظاهره العموم في جميع ما يحسن الله تعالى فيه إلى العباد ، ويحتمل أن خصّ القوة بالذكر ، إذ كانوا أقوى العوالم ، فوعدوا بالزيادة فيما بهروا فيه ، ثم نهاهم عن التولّي عن الحقّ ، وقولهم : (عَنْ قَوْلِكَ) ، أي : لا يكون قولك سبب تركنا ، وقال* ص* : (عَنْ قَوْلِكَ) : حال من الضمير في «تاركي» ، أي : صادرين عن قولك ، وقيل : «عن» : للتعليل ، كقوله : (إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ) [التوبة : ١١٤] وقولهم : (إِنْ نَقُولُ ...) الآية : معناه : ما نقول إلا أن بعض آلهتنا التي ضلّلت عبدتها أصابك بجنون ، يقال : / عرّ يعرّ ، واعترى يعتري ؛ إذا ألمّ بالشيء.
وقوله : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً) : أي : أنتم وأصنامكم ، ويذكر أن هذه كانت له عليهالسلام معجزة ، وذلك أنّه حرّض جماعتهم عليه مع انفراده وقوّتهم وكفرهم ، فلم يقدروا على نيله بسوء ، و (تُنْظِرُونِ) : معناه : تؤخّروني ، أي : عاجلوني بما قدرتم عليه.
وقوله : (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يريد : إن أفعال الله عزوجل في غاية الإحكام ، وقوله الصّدق ووعده الحقّ ، و (عَنِيدٍ) : من «عند» إذا عتا.
(وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠) وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣) وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)(٦٦)
وقوله سبحانه : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً ...) الآية : حكم عليهم سبحانه بهذا ؛ لموافاتهم على الكفر ، ولا يلعن معيّن حيّ : لا من كافر ، ولا من فاسق ، ولا من بهيمة ،