الجمهور : «في مرية» (١) ـ بكسر الميم ـ ، وهو الشكّ ، والضمير في «منه» عائد على كون الكفرة موعدهم النّار ، وسائر الآية بيّن.
وقوله تعالى : (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ) : قالت فرقة : يريد الشهداء من الأنبياء والملائكة ، وقالت فرقة : الأشهاد : بمعنى المشاهدين ، ويريد جميع الخلائق ، وفي ذلك إشادة بهم وتشهير لخزيهم ، وروي في نحو هذا حديث : «أنّه لا يخزى أحد يوم القيامة / إلّا ويعلم ذلك جميع من شهد المحشر» ، وباقي الآية بيّن مما تقدّم في غيرها.
قال* ص* : وقوله : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) يحتمل أن يكون داخلا في مفعول القول ، وإليه نحا بعضهم. انتهى.
وقوله سبحانه : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) : يحتمل وجوها :
أحدها : أنه وصف سبحانه هؤلاء الكفّار بهذه الصفة في الدنيا ؛ على معنى أنّهم لا يسمعون سماعا ينتفعون به ، ولا يبصرون كذلك.
والثاني : أن يكون وصفهم بذلك من أجل بغضتهم في النبيّ صلىاللهعليهوسلم فهم لا يستطيعون أن يحملوا نفوسهم على السّمع منه ، والنّظر إليه.
و «ما» ؛ في هذين الوجهين : نافية.
الثالث : أن يكون التقدير : يضاعف لهم العذاب بما كانوا ، أي : بسبب ما كانوا ؛ ف «ما» مصدرية ، وباقي الآية بيّن.
(لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(٢٤)
وقوله سبحانه : (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ ...) الآية : (لا جَرَمَ) تقدم بيانها ، (وَأَخْبَتُوا) : قال قتادة : معناه : خشعوا (٢) ، وقيل : معناه أنابوا ؛ قاله ابن عباس (٣) ،
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ١٥٩) و «البحر المحيط» (٥ / ٢١٢) ، و «الدر المصون» (٤ / ٨٦)
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٦) برقم : (١٨١١٥) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٣ / ١٦١) ، والبغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٧٩) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٩٠) ، وعزاه إلى عبد الرزاق وأبي الشيخ.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٥) برقم : (١٨١٠٩) ، وذكره ابن عطية في تفسيره (٣ / ١٦١) ، والبغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٧٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٩٠)