مدلولهما ، والاستفهام هنا : على سبيل التحقير. انتهى. وهو حسن.
وقوله : (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) : إيجاب عن عدّة من الله تعالى.
وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) : يحتمل أن يكون ابتداء خبر من الله عزوجل ، ويحتمل أن يكون من كلام موسى عليهالسلام ، وكذلك قوله : (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ ...) الآية ، محتمل للوجهين ، وكون ذلك كلّه من كلام موسى أقرب ، وهو الذي ذكر (١) الطبريّ ، وأما قوله : (بِكَلِماتِهِ) : فمعناه بكلماته السابقة الأزليّة في الوعد بذلك.
(فَما آمَنَ لِمُوسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣) وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (٨٤) فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٨٥) وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)(٨٦)
وقوله عزوجل : (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) اختلف المتأوّلون في عود الضمير الذي في (قَوْمِهِ) ، فقالت فرقة : هو عائد على موسى ، وذلك في أول مبعثه ، وملأ الذّرّيّة ، هم أشراف بني إسرائيل.
قال* ص* : وهذا هو الظاهر ، وقالت فرقة : الضمير في (قَوْمِهِ) عائد على (فِرْعَوْنَ) ، وضمير (مَلَائِهِمْ) عائد على الذريّة.
قال* ع* : ومما يضعّف عود الضمير على موسى : أنّ المعروف من أخبار بني إسرائيل أنهم كانوا قوما تقدّمت فيهم النبوّات ، ولم يحفظ قطّ أنّ طائفة من بني إسرائيل كفرت به ، فدلّ على أن الذريّة من قوم فرعون.
وقوله سبحانه : (وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا ...) الآية : هذا ابتداء حكاية قول موسى لجماعة بني إسرائيل ؛ مؤنّسا لهم ، ونادبا إلى التوكّل على الله عزوجل الذي بيده النصر قال المحاسبيّ : قلت لأبي جعفر محمّد بن موسى : إنّ الله عزوجل يقول : (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة : ٢٣] فما السّبيل إلى هذا التوكّل الذي ندب الله إليه ، وكيف دخول الناس فيه؟ قال : إن الناس متفاوتون في التوكّل ، وتوكّلهم على قدر إيمانهم وقوّة علومهم ، قلت : فما معنى إيمانهم؟ قال : تصديقهم بمواعيد الله عزوجل ، وثقتهم بضمان الله تبارك وتعالى ، قلت : من أين فضلت الخاصّة
__________________
(١) ذكره الطبري (٦ / ٥٩٠)