جبير : المعنى : قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا ينتفعون بها في الدّنيا ، ولا يتبعهم إثمها يوم القيامة (١).
وقال ابن عباس ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وغيرهم : المعنى هو أن يخبر صلىاللهعليهوسلم أن هذه الطّيبات الموجودات هي في الحياة الدنيا للذين آمنوا ، وإن كانت أيضا لغيرهم معهم ، وهي يوم القيامة خالصة لهم ، أي : لا يشركهم أحد في استعمالها في الآخرة (٢).
وقرأ نافع (٣) وحده «خالصة» بالرفع ، والباقون بالنّصب.
وقوله سبحانه : (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي : كما فصّلنا هذه الأشياء المتقدمة الذّكر (نُفَصِّلُ الْآياتِ) أي : نبين الأمارات ، والعلامات ، والهدايات لقوم لهم علم ينتفعون به.
(قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٣٣)
وقوله عزوجل : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ...) الآية : لما تقدم إنكار ما حرمه الكفّار بآرائهم أتبعه بذكر ما حرم الله عزوجل.
والفواحش في اللغة ما فحش وشنع ، وأصله من القبح في النظر ، وهي هنا إنما هي إشارة إلى ما نص الشرع على تحريمه ، فكل ما حرمه الشّرع ، فهو فاحش ، والإثم لفظ عام في جميع الأفعال والأقوال التي يتعلّق بمرتكبها إثم. هذا قول الجمهور.
وقال بعض الناس : هي الخمر وهذا قول مردود ؛ لأن هذه السورة مكيّة ، وإنما حرمت الخمر ب «المدينة» بعد أحد (وَالْبَغْيَ) التعدي ، وتجاوز الحد.
(وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) من أنه حرم البحيرة والسائبة ونحوه.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٥ / ٤٧٥) برقم : (١٤٥٥٦) ، وابن عطية (٢ / ٣٩٣)
(٢) أخرجه الطبري (٥ / ٤٧٣ ـ ٤٧٤ ـ ٤٧٥) برقم : (١٤٥٤٦ ـ ١٤٥٥٥) ، وذكر البغوي (٢ / ١٥٧) بنحوه ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٥٠)
(٣) والتقدير على قراءة الرفع أي : هي خالصة للذين آمنوا.
ينظر : «السبعة» (٢٨٠) و «الحجة» (٤ / ١٣) ، و «حجة القراءات» (٢٨١) ، و «العنوان» (٩٥) و «إعراب القراءات» (١ / ١٨٠) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٢٩٤) ، و «شرح شعلة» (٣٨٨) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ٤٧) و «معاني القراءات» (١ / ٤٠٤)