أن تقتل الأسرى ، وقوله سبحانه : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ ...) الآية : نصّ على إباحة المال الذي أخذ من الأسرى ، وإلحاق له بالغنيمة التي كان تقدّم تحليها.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٠) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٧١)
وقوله سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) ، روي أنّ الأسرى ببدر أعلموا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّ لهم ميلا إلى الإسلام ، وأنهم إن رجعوا إلى قومهم ، سعوا في جلبهم إلى الإسلام ، قال ابن عبّاس : الأسرى في هذه الآية : عبّاس وأصحابه (١) ، قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : آمنا بما جئت به ، ونشهد إنك لرسول الله ، ولننصحنّ لك على قومنا ، فنزلت هذه الآية ، ومعنى الكلام : إن كان هذا عن جدّ منكم ، وعلم الله من أنفسكم الخير والإسلام ، فإنه سيجبر عليكم أفضل مما أعطيتم فدية ، ويغفر لكم جميع ما اجترمتموه ، وروي أنّ العبّاس بن عبد المطّلب رضي الله عنه قال : فيّ وفي أصحابي نزلت هذه الآية ، وقال حين أعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مال البحرين ما قدّر أن يقول : هذا خير ممّا أخذ منّي ، وأنا بعد أرجو أن يغفر الله (٢) لي ، وروي عنه ؛ أنه قال : ما أودّ أنّ هذه الآية لم تنزل (٣) ، ولي الدنيا بأجمعها ؛ وذلك أن الله تعالى قد أتاني خيرا مما أخذ مني ، وأنا أرجو أن يغفر لي ، وقوله : (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) أي : بالكفر ، (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) أي : بأن جعلهم أسرى ، (وَاللهُ عَلِيمٌ) فيما يبطنونه ، (حَكِيمٌ) فيما يجازيهم به.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٧٢)
وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٢٩٢) برقم : (١٦٣٤٠) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٥٥٤) ، والبغوي (٢ / ٢٦٣) ولم يعزه لأحد ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٦٩) ، وزاد نسبته لأبي نعيم في «الدلائل».
(٢) أخرجه ابن جرير (٦ / ٢٩٢) برقم : (١٦٣٣٨) نحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٥٥٥) ، والبغوي (٢ / ٢٦٣) نحوه ، والسيوطي (٣ / ٣٧٠) بنحوه ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في «الدلائل» ، وابن عساكر.
(٣) ذكره ابن عطية (٢ / ٥٥٥)