الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (٦٥) الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(٦٦)
وقوله سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، قال النّقّاش : نزلت هذه الآية بالبيداء (١) في غزوة بدر ، وحكي عن ابن عبّاس : أنها نزلت في الأوس والخزرج.
وقيل : إنها نزلت حين أسلم عمر وكمل المسلمون أربعين. قاله ابن عمر ، وأنس ؛ فهي على هذا مكّيّة : و «حسبك» ؛ في كلام العرب ، وشرعك : بمعنى كافيك ويكفيك ، والمحسب : الكافي ، قالت فرقة : معنى الآية : يكفيك الله ، ويكفيك من اتبعك ، ف «من» في موضع رفع.
وقال الشّعبي وابن زيد : معنى الآية : حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين ، ف «من» في موضع نصب عطفا على موضع الكاف ؛ لأن موضعها نصب على المعنى ب «يكفيك» التي سدّت «حسبك» مسدّها.
قال* ص* : ورد بأنّ الكاف ليس موضعها نصب لأن إضافة حسب إليها إضافة صحيحة انتهى.
وقوله سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ ...) الآية : (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) ، أي : حثّهم وحضّهم ، وقوله سبحانه : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ ...) إلى آخر الآية ، لفظ خبر ، مضمّنه وعد بشرط ؛ لأن قوله : (إِنْ يَكُنْ / مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ) ، بمنزلة أن يقال : إن يصبر منكم عشرون يغلبوا ، وفي ضمنه الأمر بالصّبر ، قال الفخر : وحسن هذا التكليف لما كان مسبوقا بقوله : (حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، فلمّا وعد الله المؤمنين بالكفاية والنصر ، كان هذا التكليف سهلا ؛ لأن من تكلّف الله بنصره ، فإن أهل العالم لا يقدرون على إذاءته انتهى ، وتظاهرت الروايات عن ابن عبّاس وغيره من الصحابة ؛ بأنّ ثبوت الواحد للعشرة ، كان فرضا على المؤمنين ، ثم لمّا شقّ ذلك عليهم ، حطّ الله
__________________
(١) البيداء : اسم الأرض بين مكة ، والمدينة ، وهي إلى مكة أقرب ، تعدّ من الشرف أمام ذي الحليفة. ينظر : «مراصد الاطلاع» (١ / ٢٣٩)