دُونِهِمْ) ، فيه أقوال : قيل : هم المنافقون ، وقيل : فارس ، وقيل : غير هذا.
قال* ع (١) * : ويحسن أن يقدّر قوله : (لا تَعْلَمُونَهُمُ) ، بمعنى : لا تعلمونهم فازعين راهبين.
وقال ص : لا تعلمونهم بمعنى : لا تعرفونهم ، فيتعدّى لواحد ، ومن عدّاه إلى اثنين ، قدّره : محاربين ، واستبعد ؛ لعدم تقدّم ذكره ، فهو ممنوع عند بعضهم ، وعزيز جدّا عند بعضهم انتهى.
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٦٣)
وقوله سبحانه : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) جنح الرّجل إلى الأمر ؛ إذا مال إليه ، وعاد الضمير في «لها» مؤنّثا ؛ إذ «السّلم» بمعنى المسالمة والهدنة ، وذهب جماعة من المفسّرين إلى أن هذه الآية منسوخة ، والضمير في «جنحوا» هو للذين نبذ إليهم على سواء.
وقوله سبحانه : (وَإِنْ يُرِيدُوا / أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ ...) الآية : الضمير في قوله : «وإن يريدوا» عائد على الكفّار الذين قال فيهم : (وَإِنْ جَنَحُوا) ، أي : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ) ، بأن يظهروا السّلم ، ويبطنوا الغدر والخيانة ، (فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ) ، أي : كافيك ومعطيك نصره ، و (أَيَّدَكَ) : معناه : قوّاك (وَبِالْمُؤْمِنِينَ) ، يريد الأنصار ، بذلك تظاهرت أقوال المفسرين.
وقوله : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ...) الآية : إشارة إلى العداوة التي كانت بين الأوس والخزرج.
قال* ع (٢) * : ولو ذهب ذاهب إلى عموم المؤمنين في المهاجرين والأنصار ، وجعل التأليف ما كان بين جميعهم من التحابّ ، لساغ ذلك ، وقال ابن مسعود : نزلت هذه الآية في المتحابّين في الله (٣).
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٥٤٧)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٥٤٨)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٨١) برقم : (١٦٢٧٥) ، وابن كثير (٢ / ٣٢٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٦١) ، وزاد نسبته إلى ابن المبارك ، وابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا في كتاب «الإخوان» ، والنسائي ، والبزار ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، والحاكم ، وصححه.