وقوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا ...) الآية : هذا أمر من الله سبحانه بما فيه داعية النّصر ، وسبب العزّ ، وهي وصيّة منه سبحانه بحسب التقييد الذي في آية الضّعف ، والفئة الجماعة ، أصلها : «فئوة» ، وهي من : «فأوت» ، أي : جمعت ، ثم أمر سبحانه بإكثار ذكره هناك ؛ إذ هو عصمة المستنجد ، ووزر المستعين.
قال قتادة : افترض الله ذكره عند أشغل ما يكون ؛ عند الضّراب والسّيوف.
قال* ع (١) * : وهذا ذكر خفيّ ؛ لأن رفع الصّوت في موطن القتال رديء مكروه ؛ إذا كان ألغاطا ، فأما إن كان من الجميع عند الحملة ، فحسن فاتّ في عضد العدوّ ؛ قال قيس بن عباد (٢) : كان أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم يكرهون الصّوت عند ثلاث ؛ عند قراءة القرآن ، وعند الجنازة ، وعند القتال (٣) ، وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «اطلبوا إجابة الدّعاء عند القتال ، وإقامة الصّلاة ، ونزول الغيث» (٤) وكان ابن عباس يكره التلثّم عند القتال (٥).
قال النّوويّ : وسئل الشيخ أبو عمرو بن الصّلاح (٦) ، عن القدر الذي يصير به المرء
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٥٣٦)
(٢) قيس بن عباد ، القيسي الضّبعي أبو عبد الله البصري مخضرم ، عن عمر وعلي وعمّار ، وعنه ابنه عبد الله والحسن البصري ، وابن سيرين مات بعد الثمانين.
ينظر ترجمته في : «الخلاصة» (٢ / ٣٥٧) (٥٨٨٦)
(٣) ذكره ابن عطية (٢ / ٥٣٦)
(٤) ذكره الهندي في «كنز العمال» (٢ / ١٠٢) رقم : (٣٣٣٩) ، وعزاه للشافعي ، والبيهقي في «المعرفة» عن مكحول مرسلا.
(٥) ذكره ابن عطية (٢ / ٥٣٥)
(٦) عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر ، الإمام العلامة مفتي الإسلام ، تقي الدين ، أبو عمرو بن الإمام البارع صلاح الدين أبي القاسم ، النصري ـ بالنون والصاد المهملة ، نسبة إلى جده أبي نصر ـ الكردي ، الشهرزوري الأصل ، الموصلي المربا ، الدمشقي الدار والوفاة ، ولد سنة سبع وسبعين ـ بتقديم السين فيهما ـ وخمسمائة بشهرزور ، وتفقه على والده ، ثم نقله إلى الموصل فاشتغل بها مدة وبرع في المذهب.
ينظر ترجمته في «الأعلام» (٤ / ٣٦٩) و «طبقات الشافعية» للسبكي (٥ / ١٣٧) و «وفيات الأعيان» (٢ / ٤٠٨) و «البداية والنهاية» (١٣ / ١٦٨) و «طبقات الشافعية» لابن هداية ص : (٨٤) و «النجوم الزاهرة» (٦ / ٣٥٤) و «شذرات الذهب» (٥ / ٢٢١) و «مفتاح السعادة» (١ / ٣٩٧) ، (٢ / ٢١٤) و «مرآة الزمان» (٨ / ٥٠٢) و «مرآة الجنان» (٤ / ١٠٨)