لم يتجدّد له به علم ، وقوله عزوجل : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) ، قال الطبريّ (١) : المعنى : ليقتل من قتل من كفّار قريش وغيرهم ؛ ببيان من الله وإعذار بالرسالة ، ويحيا أيضا ويعيش من عاش ؛ عن بيان منه أيضا وإعذار ؛ لا حجة لأحد عليه سبحانه.
* ت* : قال أبو عمر بن عبد البرّ في كتاب «فضل العلم» في قوله عزوجل : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ...) الآية : البيّنة : ما بان به الحقّ. انتهى.
وقال ابن إسحاق وغيره : معنى «ليهلك» ، أي : ليكفر ، و «يحيا» أي : ليؤمن ؛ فالحياة والهلاك على هذا التأويل : مستعارتان.
وقوله سبحانه : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ / قَلِيلاً ...) الآية : وتظاهرت الروايات ؛ أن هذه الآية نزلت في رؤيا رآها رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأى فيها عدد الكفّار قليلا ، فأخبر بذلك أصحابه ، فقويت نفوسهم ، وحرصوا على اللقاء ؛ قاله مجاهد وغيره ، والظاهر أنه رآهم صلىاللهعليهوسلم في نومه قليلا قدرهم وبأسهم ، ويحتمل أنه رآهم قليلا عددهم ، فكان تأويل رؤياه انهزامهم ، والفشل : الخور عن الأمر ، و (لَتَنازَعْتُمْ) ، أي : لتخالفتم في الأمر ، يريد : في اللقاء والحرب. و (سَلَّمَ) : لفظ يعمّ كلّ متخوّف.
وقوله سبحانه : (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ ...) الآية ، وهذه الرؤية هي في اليقظة بإجماع ، وهي الرؤية التي كانت حين التقوا ، ووقعت العين على العين ، والمعنى : أن الله تعالى ؛ لما أراده من إنفاذ قضاءه في نصرة الإسلام وإظهار دينه ، قلّل كلّ طائفة في عيون الأخرى ، فوقع الخلل في التخمين والحزر الذي يستعمله الناس في هذا ؛ لتجسر كلّ طائفة على الأخرى ، وتتسبّب أسباب الحرب ، والأمر المفعول المذكور في الآيتين هو القصّة بأجمعها.
وقوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) : تنبيه على أن الحول بأجمعه لله ، وأنّ كلّ أمّر ، فله وإليه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)(٤٧)
__________________
(١) ينظر : «تفسير الطبري» (٦ / ٢٥٨)