سبحانه يوم بدر ، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى قرآن / نزل يوم بدر ، أو في قصّة يوم بدر ، ويوم الفرقان : معناه : يوم الفرق بين الحقّ والباطل ؛ بإعزاز الإسلام وإذلال الشرك ، والجمعان : يريد : جمع المسلمين وجمع الكفّار ، وهو يوم بدر ، ولا خلاف في ذلك.
وقوله سبحانه : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، يعضد أنّ قوله : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) ، يراد به النصر والظّفر ، أي : الآيات والعظائم من غلبة القليل للكثير ، وذلك بقدرة الله عزوجل الذي هو على كلّ شيء قدير.
وقوله سبحانه : (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) ، العدوة : شفير الوادي ، وحرفه الذي يتعذّر المشي فيه بمنزلة رجا البئر ؛ لأنها عدت ما في الوادي من ماء ونحوه ؛ أن يتجاوز الوادي ، أي : منعته ؛ ومنه قول الشاعر : [الوافر]
عدتني عن زيارتك العوادي |
|
وحالت دونها حرب زبون (١) |
وقرأ ابن كثير (٢) ، وأبو عمرو : (بِالْعُدْوَةِ) ـ بكسر العين ـ ، وقوله : (الدُّنْيا) ، و (الْقُصْوى) ، إنّما هو بالإضافة إلى المدينة ، وبين المدينة ووادي بدر موضع الوقعة مرحلتان ، والدّنيا : من الدّنوّ ، والقصوى : من القصوّ ، وهو البعد ، (وَالرَّكْبُ) ، بإجماع من المفسّرين : عير أبي سفيان ، وقوله : (أَسْفَلَ) ، في موضع خفض ، تقديره : في مكان أسفل كذا.
قال سيبويه : وكان الرّكب ، ومدبّر أمره أبو سفيان بن حرب ، قد نكب عن بدر حين نذر بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأخذ سيف البحر ، فهو أسفل ؛ بالإضافة إلى أعلى الوادي.
وقوله سبحانه : (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) ، المقصد من الآية : تبيين نعمة الله سبحانه في شأن قصّة بدر ، وتيسيره سبحانه ما يسّر من ذلك ، والمعنى : لو تواعدتم ، لاختلفتم في الميعاد بسبب العوارض التي تعرض للناس ، إلّا مع تيسير الله الذي تمّم ذلك ، وهذا كما تقول لصاحبك في أمر سناه الله تعالى دون تعب كثير : لو بنينا على هذا ، وسعينا فيه ، لم يتمّ هكذا ، (وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) ، أي : لينفّذ ويظهر أمرا قد قدّره في الأزل مفعولا لكم ؛ بشرط وجودكم في وقت وجودكم ، وهذا كلّه معلوم عنده عزوجل
__________________
(١) ينظر «الدر المنثور» (٣ / ٤٢١)
(٢) ينظر : «السبعة» (٣٠٦) ، و «الحجة» (٤ / ١٢٨) ، و «حجة القراءات» ص : (٣١٠ ـ ٣١١) ، و «إعراب القراءات» (١ / ٢٢٤) ، و «إتحاف» (٢ / ٧٩) ، و «معاني القراءات» (١ / ٤٤٠) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٣٢٧) ، و «شرح شعلة» (٤٠٦)