وقال أبو حيان (١) : الظاهر أنها الموطّئة للقسم (٢) ، و «من» شرطية في موضع رفع بالابتداء ، وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه ، ويجوز أن تكون لام ابتداء ، و «من» موصولة في موضع رفع بالابتداء ، والقسم المحذوف ، وجوابه ، وهو «لأملأن» في موضع خبرها. انتهى.
وقال الفخر (٣) : وقيل / : (مَذْؤُماً) ، أي : محقورا ؛ فالمذؤوم المحتقر. قاله الليث.
وقال ابن الأنباري (٤) : المذءوم المذموم.
وقال الفرّاء : أذأمته إذا عيّبته. انتهى.
وباقي الآية بيّن. اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ، وسوء القضاء ، ودرك الشّقاء ، وشماتة الأعداء.
(وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)(٢١)
وقوله جل وعلا : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) إذا أمر الإنسان بشيء ، وهو متلبس به ، فإنما المقصد من ذلك أن يستمر على حاله ، ويتمادى في هيئته.
وقوله سبحانه لآدم : (اسْكُنْ) هو من هذا الباب ، وقد تقدّم الكلام في «سورة البقرة» على «الشّجرة» وتعيينها ، وقوله سبحانه : «هذه» قال (م) : الأصل هذي ، والهاء بدل من الياء ، ولذلك كسرت الذال ، إذ ليس في كلامهم هاء تأنيث قبلها كسرة انتهى.
__________________
(١) ينظر : «البحر المحيط» (٤ / ٢٧٨)
(٢) ذكره ابن عطية (٢ / ٣٨٢)
(٣) ينظر : «تفسير الرازي» (١٤ / ٣٧)
(٤) عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري ، كمال الدين الأنباري ، ولد في ٥١٣ ه ، من علماء اللغة والأدب وتاريخ الرجال ، كان زاهدا عفيفا ، لا يقبل من أحد شيئا ، له مصنفات منها : «نزهة الألباء في طبقات الأدباء» ، «لمعة الأدلة» ، «الميزان» ، توفي في ٥٧٧ ه.
ينظر : «الفوات» (١ / ٢٦٢) ، «بغية الوعاة» (٣٠١) ، «الوفيات» (١ / ٢٧٩) ، «أدب اللغة» (٣ / ٤١) ، «الأعلام» (٣ / ٣٢٧)