منها : القتل ، وهو مستحسن في أهل الشجاعة والنّكاية.
ومنها : الفداء ، وهو مستحسن في ذي المنصب الذي ليس بشجاع ولا يخاف منه رأي ومكيدة ؛ لانتفاع المسلمين بالمال الذي يؤخذ منه.
ومنها : المنّ ، وهو مستحسن فيمن يرجى أن يحنو على أسرى المسلمين ، ونحو ذلك من القرائن.
ومنها : الاسترقاق.
ومنها : ضرب الجزية ، والتّرك ، في الذّمّة.
وأما الطعام ، والغنم ، ونحوها ممّا يؤكل ، فهو مباح في بلد العدو أكله ، وما فضل منه كان في المغنم.
ومحلّ استيعاب فروع هذا الفصل كتب الفقه.
وقوله سبحانه : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) ، أي : من النصر والظهور الذي أنزله الله
__________________
«الفداء» : ذهب جمهور الفقهاء ومعهم أبو يوسف ، ومحمد من علماء الحنفية إلى جواز الفداء بالأسرى ، وجاء ذلك رواية عن أبي حنيفة ، وجاءت عنه رواية أخرى بمنعه.
وأمّا الفداء بالمال فالجمهور على جوازه ، والمشهور من مذهب الحنفية عدم الجواز ، وقد جاء في «السير الكبير» أنه لا بأس به إذا كان بالمسلمين حاجة إليه.
«الاسترقاق» : اتفق الفقهاء على أن الأسير إذا كان مرتدا لا يجوز ضرب الرق عليه ، فلا بد أن يسلم أو يقتل ؛ لأنه كفر بربه بعد ما هدي إلى الإسلام.
واختلفوا في غيره من الأسرى ، فذهب المالكية ، والشافعية والحنابلة إلى جواز استرقاقهم لا فرق بين عربي منهم أو عجمي ، وذهب الحنفية إلى عدم جواز استرقاق المشركين من العرب. وإذا قلنا : إن الإمام مخير في الأسرى ، فليس معناه أن يجعل التصرف فيهم تبعا لعاطفته وميل هواه ، وإنما معناه أن يتحرى فيهم ما تقتضيه مصلحة المسلمين ثم ينفذها ، فإذا كان الأسير شديد الدهاء ، كثير التأليب على المسلمين والكيد لهم ، ولا يؤمن مكره ، أو تكرر نقضه لعهدهم قتله الإمام كفاية لشره وقطعا لدابره.
ويظهر ذلك للإمام من اطّلاع على أحواله أو علمه بأخباره ، وإذا ظهر له أن الأسير مأمون الجانب ، ويتألف بإطلاقه طائفة عظيمة على الإسلام ، أو يتوسم أن تطلق عشيرته ما عندها من أسرى الحرب منّ عليه ، وكذلك إذا كان الأسير من ذوي العلل والعاهات ، أو الضعفاء والزمنى الذين لا يرجى منهم منفعة للمسلمين ، أو كان للأسير قيمة ، وترجح عند الإمام الحاجة إلى المال لمصالح المسلمين جعل نظير كل رقبة يطلقها مقدارا من المال يختلف بحسب مكانة الأسير في قومه ، وإن رأى أن في استرقاقه عزة ومهابة للمسلمين اختار من بينهم من يضرب الرق عليه ، وهكذا.