وقوله : (مِنْ شَيْءٍ) : ظاهره العموم ، ومعناه الخصوص ، فأمّا النّاضّ (١) والمتاع والأطفال والنساء وما لا يؤكل [لحمه] من الحيوان ويصحّ تملّكه ، فالإمام يأخذ خمسه ، ويقسم الباقي في الجيش ، وأما الأرض ، فقال فيها مالك : يقسمها الإمام ؛ إن رأى ذلك صوابا ؛ كما فعل النبيّ صلىاللهعليهوسلم بخيبر ، أو لا يقسمها ، بل يتركها لنوائب المسلمين ؛ إن أداه اجتهاده إلى ذلك ؛ كما فعل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بأرض مصر وبسواد الكوفة ، وأمّا الرجال ، ومن شارف البلوغ من الصّبيان ، فالإمام ؛ عند مالك وجمهور العلماء ، مخيّر فيهم على خمسة أوجه (٢) :
__________________
وقال يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (٣ / ١٢٧) : ليس لعامر صحبة.
وقد جزم بعدم صحبته أيضا أبو داود ، وابن حبان ، والبغوي ، وابن السكن. ينظر : «الإصابة» (٣ / ٤٨٩) بتحقيقنا ا ه.
لكن لهذا الحديث شاهد من حديث أنس : أخرجه الطبراني في «الصغير» (١ / ٢٥٤) ، وابن عدي في «الكامل» (٣ / ١٢١٠) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣ / ٤١٦) رقم : (٣٩٤٣) من طريق الوليد بن مسلم ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن أنس مرفوعا.
وقال الطبراني : لم يروه عن قتادة إلّا سعيد ، تفرد به الوليد. وقال ابن عدي : لا يرويه عن قتادة غير سعيد ، وعن سعيد غير الوليد. والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٣ / ٢٠٣) وقال : رواه الطبراني في «الصغير» ، وفيه سعيد بن بشير ، وهو ثقة لكنه اختلط اه.
وللحديث شاهد آخر من حديث جابر : أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٣ / ١٠٧٥) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣ / ٤١٦) رقم : (٣٩٤٢) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك : نا الوليد بن مسلم ، عن زهير بن محمد ، عن ابن المنكدر ، عن جابر مرفوعا.
وعبد الوهاب بن الضحاك : قال الحافظ في «التقريب» (١ / ٥٢٨) : متروك ؛ كذبه أبو حاتم.
(١) النّاضّ : أهل الحجاز يسمّون الدّراهم والدّنانير : النّاضّ والنّضّ. قال أبو عبيد : إنّما يسمّونها ناضّا : إذا تحوّل عينا بعد أن كان متاعا ؛ لأنّه يقال : ما نضّ بيدي منه شيء ، وخذ ما نضّ لك من دين ، أي : تيسّر وهو يستنضّ حقّه من فلان ، أي : يستنجزه ، ويأخذ منه الشّيء بعد الشّيء. مأخوذ من نضاضة الماء وهي : بقيّته ، وكذلك النّضيضة ، وجمعها : نضائض. ذكره الأزهري.
ينظر : «النظم» (١ / ١٥٤)
(٢) الأسرى : إما أن يكونوا من الرجال العقلاء البالغين ، أو يكونوا من النساء ، والصبيان ، ومن في حكمهم ، فإذا كانوا من هؤلاء فالمشهور عند عامّة الفقهاء أنهم يصيرون أرقاء بنفس الأسر ، ولا يجوز قتلهم اتفاقا ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن قتل النساء والصبيان في حديث متفق عليه. أما إذا كانوا من الرجال البالغين العقلاء ، فالإمام مخير فيهم بين خصال بعضها متفق عليه ، وبعضها مختلف فيه ، وهي كما يأتي : «القتل» : ثبت عند فقهاء الأمصار أنه يجوز للإمام قتل المحارب الكافر بعد أسره ، والاستيلاء عليه ، وحكي عن الحسن البصري وعطاء ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وابن عمر كراهته. «المنّ» : ويكون بتخلية سبيل الأسرى من غير عوض ، وقال به الشافعية والمالكية في المشهور عنهم والحنابلة ، وذهب الحنفية إلى عدم جوازه.