وبايعناك ، فامض لأمر الله ، فو الله لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «امضوا على بركة الله ، فكأني أنظر إلى مصارع القوم» فالتقوا وكانت وقعة بدر.
* ت* : وفي «صحيح البخاري» من حديث عائشة ، في خروج أبي بكر من «مكة» فلقيه ابن الدّغنة عند برك الغماد (١) الحديث ، وليست بمدينة «الحبشة» من غير شكّ. فالله أعلم ، ولعلهما موضعان. انتهى.
و (الشَّوْكَةِ) عبارة عن السّلاح والحدّة.
وقوله سبحانه : (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) المعنى : ويريد الله أن يظهر الإسلام ، ويعلي دعوة الشّرع بكلماته التي سبقت في الأزل ، والدابر الذي يدبر القوم ، أي يأتي آخرهم ، وإذا قطع فقد أتى على آخرهم بشرط أن يبدأ الإهلاك من أولهم ، وهي عبارة في كل من أتى الهلاك عليه.
وقوله سبحانه : (لِيُحِقَّ الْحَقَ) أي : ليظهر الحق الذي هو دين الإسلام ، و (يُبْطِلَ الْباطِلَ) ، أي : الكفر ، و (تَسْتَغِيثُونَ) معناه : تطلبون الغوث ، و (مُمِدُّكُمْ) أي : مكثركم ، ومقويكم من : أمددت ، و (مُرْدِفِينَ) معناه : متبعين.
وقرأ سائر السبعة (٢) غير نافع : «مردفين» ـ بكسر الدال ـ ، ونافع بفتحها ، وروي عن ابن عبّاس : خلف كل ملك ملك (٣) ، وهذا معنى التتابع ، يقال : ردف وأردف ؛ إذا اتبع ، وجاء بعد الشّيء ، ويحتمل أن يراد مردفين للمؤمنين ، ويحتمل أن يراد مردفين بعضهم بعضا ، وأنشد الطبري (٤) شاهدا على أن أردف بمعنى جاء تابعا قول الشاعر : [الوافر]
إذا الجوزاء أردفت الثّريّا |
|
ظننت بآل فاطمة الظّنونا (٥) |
والثريّا تطلع قبل الجوزاء.
__________________
(١) أخرجه البخاري (٤ / ٥٥٥ ـ ٥٥٦) كتاب «الكفالة» باب : جوار أبي بكر في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم وعقده ، حديث (٢٢٩٧)
(٢) ورويت عن أبي عمرو كما في «الكشاف» (٢ / ١ ـ ٢) ، و «المحرر الوجيز» (٢ / ٥٠٤) ، و «البحر المحيط» (٤ / ٤٦٠) ، و «الدر المصون» (٣ / ٣٩٨)
(٣) أخرجه الطبري (٦ / ١٨٩) برقم : (١٥٧٥٨) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٥٠٤) ، وابن كثير (٢ / ٢٩٠) ، والسيوطي (٣ / ٣١٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ.
(٤) ينظر : «تفسير الطبري» (٦ / ١٩٠)
(٥) البيت لخزيمة بن مالك. ينظر : «تفسير الطبري» (٦ / ١٩٠) ، وينظر : «اللسان» (ردف) ، و «الدر المصون» (٣ / ٤٠٠)