مائة وثلاثة عشر ، أو نحو ذلك من أصحابه بين مهاجريّ وأنصاري ، وقد ظنّ الناس بأجمعهم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يلقى حربا ، فلم يكثر استعدادهم ، وكان أبو سفيان في خلال ذلك يستقصي ، ويحذر ، فلما بلغه خروج رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث ضمضم بن عمرو الغفاري إلى «مكة» يستنفر أهلها ، ففعل ضمضم ، فخرج أهل «مكة» في ألف رجل ، أو نحو ذلك ، فلما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم خروجهم أوحى الله إليه وحيا غير متلو يعده إحدى الطّائفتين ، فعرّف رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصحابه بذلك ، فسرّوا ، وودّوا أن تكون لهم العير التي لا قتال معها ، فلما علم أبو سفيان بقرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم منه أخذ طريق الساحل ، وأبعد وفات ، ولم يبق إلا لقاء أهل «مكة» ، وأشار بعض الكفّار على بعض بالانصراف ، وقالوا : هذه عيرنا قد نجت ، فلننصرف / فحرش (١) أبو جهل ولجّ ، حتى كان أمر الواقعة. وقال بعض المؤمنين : نحن لم نخرج لقتال ، ولم نستعدّ له ، فجمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصحابه ، وهو بواد يسمى «دقران» وقال : أشيروا علي أيها النّاس ، فقام أبو بكر ، فتكلم ، وأحسن ، وحرّض الناس على لقاء العدو ، فأعاد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الاستشارة ، فقام عمر بمثل ذلك ، فأعاد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الاستشارة ، فتكلم المقداد بن الأسود الكندي (٢) ، فقال : لا نقول لك يا رسول الله كما قالت بنو إسرائيل : اذهب أنت وربّك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولكن نقول : إنا معكما مقاتلون ، والله لو أردت بنا برك الغماد يعني مدينة «الحبشة» لقاتلنا معك من دونها ، فسر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بكلامه ، ودعا له بخير ، ثم قال : أشيروا علي أيها النّاس ، فكلمه سعد بن معاذ ، وقيل : سعد بن عبادة ، ويحتمل هما معا ؛ فقال : يا رسول الله ، كأنك إيانا تريد معشر الأنصار ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أجل ، فقال : إنا قد آمنّا بك ، واتبعناك ،
__________________
(١) التحريش : الإغراء بين القوم.
ينظر : «لسان العرب» (٨٣٤)
(٢) هو : المقداد بن عمرو (الأسود الكندي) بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن عامر بن مطرود بن عمرو بن سعد ... أبو الأسود البهراوي.
الشهرة : المقداد بن الأسود الكندي ، قال ابن حجر : أسلم قديما وتزوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا والمشاهد بعدها ، وكان فارسا يوم بدر حتى أنه لم يثبت أنه كان فيها على فرس غيره ، وروى المقداد عن النبي أحاديث كثيرة ، توفي سنة ٣٣ في خلافة عثمان وله ٧٠ سنة.
ينظر : «الثقات» (٣ / ٣٧١) ، «أسد الغابة» (٥ / ٢٥١) ، «التاريخ الصغير» (١ / ٨٣) ، «معجم الثقات» (١٢٣) ، «الاستبصار» (١٤٥ ، ٢٠٨) ، «تقريب التهذيب» (٢ / ٢٧٢) ، «المنمق» (٤٥٣ ، ٥١٣ ، ٥١٤) ، «تراجم الأحبار» (٣ / ٣٥١ ، ٣٧٠) ، «الإصابة» (٦ / ١٣٣) ، «الأعلام» (٧ / ٢٨٢) ، «أصحاب بدر» (٨٥) ، «تجريد أسماء الصحابة» (٢ / ٩٢) ، «الجرح والتعديل» (٨ / ٤٢٦) ، «الطبقات» (١٦ / ١٢٠)