للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأمته في أمر الكفّار ، والهاء والميم في قوله : «تدعوهم» للكفّار ، ووصفهم بأنهم لا يسمعون ، ولا يبصرون ؛ إذ لم يتحصّل لهم عن النّظر والاستماع فائدة ؛ قاله مجاهد (١) والسدّي (٢).
وقال الطبريّ (٣) : المراد بالضمير المذكور : الأصنام ، ووصفهم بالنظر كناية عن المحاذاة والمقابلة ؛ ولما فيها من تخييل النّظر ؛ كما تقول : دار فلان تنظر إلى دار فلان.
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٠٠)
وقوله سبحانه : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ...) الآية : وصيّة من الله سبحانه لنبيّه عليهالسلام تعمّ جميع أمته ، وأخذ بجميع / مكارم الأخلاق.
قال الجمهور : معنى : (خُذِ الْعَفْوَ) اقبل من الناس في أخلاقهم وأقوالهم ومعاشرتهم ما أتى عفوا ، دون تكلّف ، فالعفو هنا : الفضل والصفو ، قال مكّيّ ؛ قوله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ...) الآية.
قال بعض أهل المعاني ، في هذه الآية بيان قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أوتيت جوامع الكلم» (٤) ؛ فهذه الآية قد جمعت معاني كثيرة ، وفوائد عظيمة ، وجمعت كلّ خلق حسن ؛ لأنّ في أخذ العفو صلة القاطعين ، والصفح عن الظالمين ، وإعطاء المانعين ، وفي الأمر بالمعروف تقوى الله وطاعته ، وصلة الرحم ، وصون الجوارح عن المحرّمات ، وسمّى هذا ونحوه عرفا ؛ لأن كلّ نفس تعرفه ، وتركن إليه ، وفي الإعراض عن الجاهلين : الصبر ، والحلم ، وتنزيه النفس عن مخاطبة السفيه ، ومنازعة اللّجوج ، وغير ذلك من الأفعال المرضية. انتهى من «الهداية».
وقوله : (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) : معناه : بكلّ ما عرفته النفوس ممّا لا تردّه الشريعة ؛ ومن ذلك : «أن تعطي من حرمك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عمّن ظلمك ...» الحديث (٥) ،
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ١٥١) برقم : (١٥٥٤٥) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٩٠) ، وابن كثير (٢ / ٢٧٧) طرفا منه ، والسيوطي (٣ / ٢٨٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه الطبري (٦ / ١٥١) برقم : (١٥٥٤٤) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٩٠) ، وابن كثير (٢ / ٢٧٧) بنحوه ، والسيوطي (٣ / ٢٨٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.
(٣) ينظر : «تفسير الطبري» (٦ / ١٥١)
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه.