ويجتنب من المضروب : الوجه ، والفرج ، والقلب ، والدّماغ ، والخواصر ؛ بإجماع.
قال ابن سيرين ، والحسن ، وابن عبّاس ، وابن المسيّب ، وغيرهم : كلّ قمار ميسر ؛ من نرد وشطرنج ، ونحوه ، حتّى لعب الصّبيان بالجوز (١).
__________________
وأخرج أبو داود والنسائي من حديث عبد الرحمن بن أزهر في قصة الشارب الذي ضربه النبي صلىاللهعليهوسلم بحنين ، وفيه : فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد أن الناس قد انهمكوا في الشرب وتحاقروا العقوبة. قال : وعنده المهاجرون والأنصار ، فسألهم واجتمعوا على أن يضربه ثمانين.
قال الباجي : «واستدل أن ذلك حكمه ، وإلى ذلك ذهب مالك ، وأبو حنيفة أن حد شارب الخمر ثمانون ، وقال الشافعي : أربعون. والدليل على ما نقوله ما روي من الأحاديث الدالة على أنه لم يكن من النبي صلىاللهعليهوسلم نص في ذلك على تحديد ، وكان الناس على ذلك ثم وقع الاجتهاد في ذلك في زمن عمر بن الخطاب ، ولم يوجد عند أحد منهم نص على تحديد ، وذلك من أقوى الدليل على عدم النص فيه ؛ لأنه لا يصح أن يكون فيه نص باق حكمه ، ويذهب على الأمة ؛ لأن ذلك كان يكون إجماعا منهم على الخطأ ولا يجوز ذلك على الأمة ، ثم أجمعوا واتفقوا على أن الحد ثمانون ، وحكم بذلك على ملأ منهم ، ولم يعلم لأحد فيه مخالفة ؛ فثبت أنه إجماع.
واستدل الشافعي ومن معه بالسنة ، والأثر ، والمعقول. فمن السنة ما روى مسلم عن أنس (رضي الله عنه) أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين.
وجه الدلالة : أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يضرب في الخمر بالجريد والنعال أربعين ؛ فدل ذلك على أنها حده.
وأمّا الأثر ، فما روى مسلم عن حضين بن المنذر قال : شهدت عثمان بن عفان أتي بالوليد قد صلّى الصبح ركعتين ثم قال : أزيدكم ، فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر ، وشهد آخر أنه رآه يتقيؤها ، فقال عثمان : إنه لم يتقيأها حتى شربها ، فقال : يا علي قم فاجلده ، فقال علي : قم يا حسن فاجلده ، فقال الحسن : «ول حارّها من تولى قارّها» فكأنه وجد عليه ، فقال : يا عبد الله بن جعفر ، قم فاجلده ، فجلده وعلي يعدّ حتى بلغ أربعين ، فقال : أمسك ، ثم قال : جلد النبي أربعين ، وأبو بكر أربعين ، وعمر ثمانين ، وكلّ سنّة ، وهذا أحب إليّ».
وجه الدلالة : أن عليا (كرم الله وجهه) جزم في إخباره بأن النبي صلىاللهعليهوسلم جلد أربعين ، وسائر الأخبار ليس فيها عدد محدد إلا بعض الروايات السالفة عن أنس ، ففيها نحو الأربعين ـ بطريق التقريب ، والجمع بين الأخبار أن عليا جزم بالأربعين ، فهو حجة على من ذكرها بلفظ التقريب ، فعملنا بما جزم به عليّ في إخباره عن الجلد الواقع في عهد الرسول (عليه الصلاة والسلام) وعهد أبي بكر ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ولذلك قال لعبد الله بن جعفر لما بلغ الأربعين : أمسك.
وأما المعقول فقالوا : إن الشرب سبب يوجب الحد ، فوجب أن يختص بعدد لا يشاركه فيه غيره ، كالزنا والقذف.
ينظر : «الباجي» على الموطأ (٣ / ١٤٤) ، و «الزرقاني» على الموطأ (٤ / ٣٤٤) ، و «تفسير القرطبي» (١٢ / ١٦٥) ، و «فتح الباري» (١٢ / ٥٥)
(١) أخرجه الطبري (٢ / ٣٧٠ ـ ٣٧١) برقم (٤١١٤ ـ ٤١١٥) ، عن محمد بن سيرين ، وبرقم (٤١١٨) ، عن الحسين ، وبرقم (٤١٢٠) عن سعيد بن المسيب ، وبرقم (٤١٢٤) عن ابن عباس.
وذكره ابن عطية (١ / ٢٩٤)