شريعته ودينه وسنّته ، وفطرته ، قال كثير من المفسّرين / : وذلك أن النصارى لهم ماء ٣٧ أيصبغون فيه أولادهم ، فهذا ينظر إلى ذلك. وقيل : سمي الدّين صبغة ؛ استعارة من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين ؛ كما يظهر الصّبغ في الثّوب وغيره ، ونصب الصّبغة على الإغراء (١).
(قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ)(١٤١)
وقوله تعالى : (قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ ...) الآية : معنى الآية : قل يا محمّد لهؤلاء اليهود والنصارى : أتحاجّوننا في الله ، أي : أتجادلوننا في دينه ، والقرب منه ، والحظوة لديه سبحانه ، والرب واحد ، وكلّ مجازى بعمله ، ثم وبّخهم بقوله : (وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) ، أي : ولم تخلصوا أنتم ، فكيف تدّعون ما نحن أولى به منكم.
وقوله تعالى : (أَمْ تَقُولُونَ) عطف على ألف الاستفهام المتقدّمة ، وهذه القراءة بالتاء من فوق قراءة ابن عامر ، وحمزة ، وغيرهما ، وقرأ نافع وغيره بالياء من أسفل (٢) ، «وأم» على هذه القراءة مقطوعة ، ووقفهم تعالى على موضع الانقطاع في الحجّة ؛ لأنهم إن قالوا :
__________________
(١) وفي انتصاب «صبغة» أربعة أوجه :
أحدها : أن انتصابها انتصاب المصدر المؤكد ، وهذا اختاره الزمخشري ، وقال : هو الذي ذكر سيبويه والقول ما قالت حذام انتهى. قوله واختلف حينئذ عن ماذا انتصب هذا المصدر؟ فقيل عن قوله : (قُولُوا آمَنَّا) [البقرة : ١٣٦] ، وقيل عن قوله : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة : ١٣٦] ، وقيل عن قوله : (فَقَدِ اهْتَدَوْا) [البقرة : ١٣٧].
الثاني : أن انتصابها على الإغراء أي : الزموا صبغة الله.
قال أبو حيان : وهذا ينافره آخر الآية ، وهو قوله : (وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ) [البقرة : ١٣٨] إلا أن يقدر هنا قول ، وهو تقدير لا حاجة إليه ، ولا دليل من الكلام عليه.
الثالث : أنها بدل من «ملة» ، وهذا ضعيف إذ قد وقع الفصل بينهما بجمل كثيرة.
الرابع : انتصابها بإضمار فعل أي : اتبعوا صبغة الله ، ذكره أبو البقاء مع وجه الإغراء ، وهو في الحقيقة ليس زائدا ، فإن الإغراء أيضا هو نصب بإضمار فعل.
ينظر : «الدر المصون» (١ / ٣٨٨)
(٢) ينظر : «السبعة» (١٧١) ، و «الحجة» (٢ / ٢٢٨) ، و «معاني القراءات» (١ / ١٨٠) ، و «العنوان» (٧٢) ، و «حجة القراءات» (١١٥) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٧١) ، و «شرح شعلة» (٢٧٨) ، و «إتحاف» (١ / ٤١٩)