الفأر» ، وظاهر هذا أنّ المسوخ تنسل ، فإن كان أراد هذا ، فهو ظنّ منه صلىاللهعليهوسلم في أمر لا مدخل له في التبليغ ، ثم أوحي إليه بعد ذلك ؛
أنّ المسوخ لا تنسل ؛ ونظير ما قلناه نزوله صلىاللهعليهوسلم على مياه بدر وأمره باطّراح تذكير النخل ، وقد قال صلىاللهعليهوسلم : إذا أخبرتكم عن الله تعالى ، فهو كما أخبرتكم ، وإذا
أخبرتكم برأيي في أمور الدنيا ، فإنما أنا بشر مثلكم ، والضمير في (فَجَعَلْناها) يحتمل عوده على المسخة والعقوبة ، ويحتمل على الأمّة
الّتي مسخت ، ويحتمل على القردة ، ويحتمل على القرية ؛ إذ معنى الكلام يقتضيها ،
والنّكال : الزجر بالعقاب ، و (لِما بَيْنَ يَدَيْها). قال السّدّيّ : ما بين يدي المسخة ما قبلها من ذنوب
القوم ، وما خلفها لمن يذنب بعدها مثل تلك الذنوب ، وقال غيره : ما بين يديها من حضرها من الناجين ، وما
خلفها ، أي : لمن يجيء بعدها ، وقال ابن عبّاس : لما بين يديها وما خلفها من القرى .
(وَمَوْعِظَةً) : من الاتعاظ ، والازدجار ، و (لِلْمُتَّقِينَ) : معناه : الذين نهوا ونجوا ، وقالت فرقة : معناه :
لأمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، واللفظ يعمّ كلّ متّق من كلّ أمّة.
(وَإِذْ قالَ مُوسى
لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا
هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧) قالُوا ادْعُ لَنا
رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ
وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨) قالُوا ادْعُ لَنا
رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ
صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩) قالُوا ادْعُ لَنا
رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ
شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ
(٧٠) قالَ
إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي
الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ
فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧١) وَإِذْ قَتَلْتُمْ
نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
(٧٢)
فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ
آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٧٣)
وقوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ
اللهَ يَأْمُرُكُمْ ...) الآية : المراد تذكيرهم بنقض سلفهم للميثاق ، وسبب هذه
القصّة على ما روي أن رجلا من بني إسرائيل أسنّ ، وكان له مال ، فاستبطأ ابن أخيه
موته ، وقيل : أخوه ، وقيل : ابنا عمه ، وقيل : ورثة غير معيّنين ، فقتله ؛ ليرثه
، وألقاه في سبط آخر غير سبطه ؛ ليأخذ ديته ، ويلطّخهم بدمه.
__________________