الشّعار ؛ كأن الشيء المتفطّن له شعار للنّفس ، وقولهم : ليت شعري : معناه : ليت فطنتي تدرك.
واختلف ، ما الذي نفى / الله عنهم أن يشعروا له؟ فقالت طائفة : وما يشعرون أنّ ضرر تلك المخادعة راجع عليهم ؛ لخلودهم في النّار ، وقال آخرون : وما يشعرون أنّ الله يكشف لك سرّهم ومخادعتهم في قولهم : (آمَنَّا).
قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ، أي : في عقائدهم فساد (١) ، وهم المنافقون ، وذلك إما أن يكون شكّا ، وإما جحدا بسبب حسدهم مع علمهم بصحّة ما يجحدون ، وقال قوم : المرض غمّهم بظهوره صلىاللهعليهوسلم ، (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) ، قيل : هو دعاء عليهم ، وقيل : هو خبر أنّ الله قد فعل بهم ذلك ، وهذه الزيادة هي بما ينزل من الوحي ، ويظهر من البراهين.
* ت* : لما تكلّم* ع* : على تفسير قوله تعالى : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) [الفتح : ٦]. قال (٢) : كل ما كان بلفظ دعاء من جهة الله عزوجل ، فإنما هو بمعنى إيجاب الشيء ؛ لأنّ الله تعالى لا يدعو على مخلوقاته ، وهي في قبضته ، ومن هذا : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ) [الهمزة : ١] ، (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] ، وهي كلها أحكام تامّة تضمنها خبره تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، أي : مؤلم ، (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) أي : بالكفر وموالاة الكفرة ؛ ولقول المنافقين : (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) ثلاث تأويلات :
أحدها : جحد أنهم يفسدون ، وهذا استمرار منهم على النّفاق.
والثاني : أنّ يقروا بموالاة الكفّار ويدّعون أنها صلاح ؛ من حيث هم قرابة توصل.
والثالث : أنهم يصلحون بين الكفار والمؤمنين.
__________________
(١) وفي تفسير «المرض» قال ابن عباس ، وابن مسعود ، والحسن ، وقتادة ، وجميع المفسرين : أي شك ونفاق. وقال الزجاج : المرض في القلب : كل ما خرج به الإنسان من الصحة في الدين.
ينظر : «الوسيط» (١ / ٨٧) ، «صحيفة ابن أبي طلحة» (ص ٧٨) ، و «معاني الزجاج» (١ / ٨٦) ، ونسبه إلى أبي عبيدة ، و «غريب القرآن» (ص ٤١) ، و «الدر المنثور» (١ / ٣٠) عن ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد ، والربيع ، وينظر : «مجاز القرآن» (١ / ٣٢) ، و «الزاهر» (١ / ٥٨٦)
(٢) «المحرر الوجيز» (٣ / ٧٣)