«البيت الّذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشّيطان» (١).
* ت* : وعن ابن عبّاس قال : بينما جبريل قاعد عند النبيّ صلىاللهعليهوسلم سمع نقيضا من فوقه ، فقال له : هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قطّ إلّا اليوم ، وقال : أبشر بنورين أوتيتهما ، لم يؤتهما نبيّ قبلك ؛ فاتحة الكتاب ، وخواتم سورة البقرة ؛ لن تقرأ بحرف منها إلّا أعطيته» رواه مسلم ، والنسائيّ (٢) ، والنقيض ؛ بالنون والقاف : هو الصوت انتهى من «السلاح».
وعدد آي سورة البقرة مائتان ، وخمس وثمانون آية ، وقيل : وستّ وثمانون آية ، وقيل : وسبع وثمانون.
(الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)(٣)
قوله تعالى : (الم) : اختلف في الحروف التي في أوائل السور على قولين (٣) ؛ فقال
__________________
(١) الحديث بهذا اللفظ عن عبد الله بن المغفل ذكره الهيثمي في «معجم الزوائد» (٦ / ٣١٥) ، وقال : رواه الطبراني ، وفيه عدي بن الفضل ، وهو ضعيف.
أما الحديث الذي ورد عن أبي هريرة في هذا المعنى ، فأخرجه مسلم (١ / ٥٣٩) من طريق سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا : «لا تجعلوا بيوتكم مقابر ؛ فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة».
(٢) أخرجه مسلم (١ / ٥٥٤) ، كتاب : «الإيمان» ، باب : في ذكر سدرة المنتهى ، حديث (٢٥٤ / ٨٠٦) ، والنسائي في «الكبرى» (٥ / ١٥) ، كتاب «فضائل القرآن» ، باب «الآيتان من آخر سورة البقرة» ، حديث (٨٠٢١) ، والبغوي في «شرح السنة» (٢ / ٢٣ ـ بتحقيقنا) ، من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس به.
(٣) إنه مما علم باستقراء كتاب الله تعالى أن تسعا وعشرين سورة من القرآن الكريم قد افتتحت بحروف مقطعة ، من جنس كلام العرب.
وبداية ، فإن هذه الحروف لم ينقل عن العرب دلالات لها ، ولو كانت لها دلالات لتواتر النقل عليها ، ولنقل ذلك علماء الصحابة وأئمتهم ، وهذا الأمر ـ أعني افتتاح السور بها ـ لهو في حد ذاته نوع من التحدي للقيام بالكشف عن أسرارها والتفكر فيها.
ولما لم يذكر عن الغرب لها دلالات فقد كان للعلماء بشأنها موقفان : أولهما : ذهب الشعبي وسفيان الثوري ، وجماعة من أهل الحديث إلى أنها سر الله في القرآن ، وهي من المتشابه. وثانيهما : وهو ما ذهب إليه الجمهور من أهل العلم : أنه يجب أن يتكلم فيها ، وتلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي تتخرج عليها.
وقد كان لابن عباس ترجمان القرآن النصيب الأوفر من الأقوال في هذه الأحرف.
وجاء المفسرون من بعده ، فاتسعوا في تحديد معاني هذه الفواتح ، فقد ذكروا منها : أنها : ـ