[البقرة : ٢٨١] ، ويقال لسورة البقرة : «فسطاط القرآن» ، وذلك لعظمها وبهائها ، وما تضمّنت من الأحكام والمواعظ ، وفيها خمسمائة حكم ، وخمسة عشر مثلا ، وروي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أعطيت سورة البقرة من الذّكر الأوّل ، وأعطيت طه والطّواسين (١) من ألواح موسى (٢) ، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتم سورة البقرة من تحت العرش» (٣).
* ت* : وها أنا إن شاء الله أذكر أصل الحديث بكماله لما اشتمل عليه من الفوائد العظيمة.
خرّج الحاكم أبو عبد الله (٤) في «المستدرك على الصحيحين»
__________________
ـ لنشاط القارئ والسامع كما يسفر وجه الشمس إثر نزول الغيوث الهوامع ، وتخرج بوادر الزهر عقب الرعود القوارع ـ من تمجيد الله وصفاته (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [البقرة : ٢٥٥] ورحمته ، وسماحة الإسلام ، وضرب أمثال (أَوْ كَصَيِّبٍ) [البقرة : ١٩] واستحضار نظائر (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ) [البقرة : ٧٤](أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) [البقرة : ٢٤٣] ، وعلم ، وحكمة ، ومعاني الإيمان والإسلام ، وتثبيت المسلمين (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ) [البقرة : ١٥٣] والكمالات الأصلية ، والمزايا التحسينية ، وأخذ الأعمال والمعاني من حقائقها وفوائدها لا من هيئاتها ، وعدم الاعتداد بالمصطلحات إذا لم ترم إلى غايات (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) [البقرة : ١٨٩](لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) [البقرة : ١٧٧](وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) [البقرة : ٢١٧] والنظر والاستدلال ، ونظام المحاجة ، وأخبار الأمم الماضية والرسل وتفاضلهم ، واختلاف الشرائع.
ينظر : «التحرير» (١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٦)
(١) وهي السور المبدوءة ب «طس» أو «طسم».
(٢) «موسى» اسم عبراني معرب عن «موشى» ، «مو» بالعبرانية : الماء ، و «شى» الشجر ، سمي به لأنه أخذ من بين الماء والشجر. وهو اسم نبي بني إسرائيل عليه الصلاة والسلام ، وهو علم أعجمي لا يقضى عليه بالاشتقاق ، وإنما يشتق «موسى الحديد». ينظر : «التبيان» (١ / ٦٣).
وهو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل.
«الكامل» لابن الأثير (١ / ١٦٩)
(٣) أخرجه الحاكم (١ / ٥٦١) ، (٢ / ٢٥٩) ، وعنه البيهقي في «شعب الإيمان» (٢ / ٤٨٥) ، رقم (٢٤٧٨) ، كلاهما من طريق عبيد الله بن أبي حميد ، عن أبي المليح ، عن معقل بن يسار به مرفوعا.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي فقال : عبيد الله ، قال أحمد : تركوا حديثه.
(٤) محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم ، الضبي ، الطهماني ، الحافظ أبو عبد الله ، الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيع ، صاحب «المستدرك» ، وغيره من الكتب المشهورة ، كان مولده سنة (٣٢١) ، ورحل في طلب الحديث ، وسمع الكثير على شيوخ يزيدون على ألفين ، وتفقه على أبي علي بن أبي هريرة وأبي الوليد النيسابوري وأبي سهل الصعلوكي وغيرهم ، أخذ عنه أبو بكر البيهقي وصنف المصنفات الكثيرة. مات سنة (٤٠٥). انظر : «طبقات ابن قاضي شهبة» (١ / ١٩٣) ، «لسان الميزان» (٥ / ٢٣٢)