أنها مدنية (١) ، وأما أسماؤها فلا خلاف أنه يقال لها فاتحة الكتاب ، واختلف ، هل يقال لها أم الكتاب؟ فكره ذلك الحسن بن أبي الحسن ، وأجازه ابن عبّاس وغيره (٢).
وفي تسميتها ب «أمّ الكتاب» حديث رواه أبو هريرة (٣) ، واختلف هل يقال لها : «أمّ القرآن»؟ فكره ذلك ابن سيرين (٤) ، وجوزه جمهور العلماء.
وسميت «المثاني» ؛ لأنها تثنّى في كل ركعة (٥) ؛ وقيل : لأنها استثنيت لهذه الأمة.
وأما فضل هذه السورة ، فقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حديث أبيّ بن كعب ؛ أنّها لم ينزل في التوراة ، ولا في الإنجيل ، ولا في الفرقان مثلها (٦) ، وروي أنها تعدل ثلثي القرآن ، وهذا العدل إما أن يكون في المعاني ، وإما أن يكون تفضيلا من الله تعالى لا يعلل ؛ وكذلك يجيء عدل : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] وعدل : (إِذا زُلْزِلَتِ) [الزلزلة : ١] وغيره.
__________________
ـ ثلاث ومائة.
ينظر : «تهذيب الكمال» (٢ / ٩٣٨) ، و «تهذيب التهذيب» (٧ / ٣١٧) ، و «تقريب التهذيب» (٢ / ٢٣) ، و «سير الأعلام» (٤ / ٤٤٨)
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (١ / ٣٧) ، والماوردي في «تفسيره» (١ / ٤٥) ، والسيوطي في «الدر» (١ / ٢٠) ، وعزاه لوكيع في «تفسيره». كلهم عن مجاهد. وابن كثير (١ / ٨) عن أبي هريرة ، ومجاهد ، وعطاء بن يسار ، والزهري. وقال ابن كثير : والأولى أشبه «أي أنها مكية» ، لقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) والله تعالى أعلم.
(٢) أخرجه البخاري معلقا (٨ / ٦). وذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٤٦) ، وابن كثير (١ / ٨). وقال الحافظ في «الفتح» (٨ / ٦) : ويأتي في تفسير «الحجر» حديث أبي هريرة مرفوعا : «أم القرآن هي السبع المثاني» ولا فرق بين تسميتها بأم القرآن ، وأم الكتاب ، ولعل الذي كره ذلك وقف عند لفظ «الأم».
(٣) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٩٧) ، كتاب «التفسير» ، باب ومن سورة الحجر ، حديث (٣١٢٤) ، وأبو داود (١ / ٤٦١) ، كتاب «الصلاة» ، باب فاتحة الكتاب ، حديث (١٤٥٧) من طريق ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله أم القرآن ، وأم الكتاب والسبع المثاني». وأخرجه البخاري (٨ / ٢٣٢) بلفظ : «أم القرآن هي السبع ، والقرآن العظيم».
وأخرجه البغوي في «شرح السنة» (٣ / ١٣ ـ بتحقيقنا) ، وقال : هذا حديث صحيح ، وأراد بأم القرآن فاتحة الكتاب ، وسميت بأم القرآن ؛ لأنها أصل القرآن ، وأم كل شيء أصله ، وسميت مكة أم القرى كأنها أصلها ومعظمها ، وقيل : سميت أم القرآن ، لأنها تتقدم القرآن ، وكل من تقدم شيئا فقد أمه».
(٤) ينظر : الماوردي في «تفسيره» (١ / ٤٦) ، وابن كثير (١ / ٨) ، والحافظ في «الفتح» (٨ / ٦) ، والسيوطي في «الدر» (١ / ٢٠) ، وعزاه لابن ضريس في «فضائل القرآن».
(٥) ينظر : «تفسير الطبري» (١ / ١٠٣) طبعة أحمد شاكر.
(٦) تقدم تخريجه قريبا.