يكذب عليك ، قال الحسن : ما هو؟ قال الإمام : زعموا أنك تقول أن الله خلق العباد ففوض إليهم أمورهم ، فاطرق الحسن برأسه إلى الأرض وحار في الجواب ، فبادره الإمام قائلا : أرأيت من قال له الله في كتابه إنك آمن هل عليه خوف بعد القول منه؟ قال الحسن : لا. قال له الإمام : إني أعرض عليك آية وأنهي إليك خطابا ، ولا أحسبك إلا وقد فسرته على غير وجهه ، فإن كنت فعلت ذلك فقد هلكت وأهلكت. قال الحسن : ما هو؟ قال الإمام : أرأيت حيث يقول الله (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)(١).
بلغني أنك أفتيت الناس فقلت : هي مكة. قال الحسن البصري : بلى ، فأخذ الإمام يستدل على ما ذهب إليه في تفسير الآية بأنها غير ما قيل فيها حتى بهت الحسن البصري وحار في الجواب ولم ننقله هنا لطوله (٢) ، ثم نهاه عن القول بالتفويض وبين فساده بقوله : وإياك أن تقول بالتفويض فإن الله (عزوجل) لم يفوض الأمر إلى خلقه ، وهنا منه وضعفا ، ولا أجبرهم على معاصيه ظلما (٣).
المناظرة الثالثة : مع قتادة بن دعامة السدوسي (ت : ١١٨ ه) (٤)
روى الكليني وغيره بسنده عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت جالسا في مسجد رسول الله (صلىاللهعليهوآله) إذ أقبل رجل فسلم فقال : من أنت يا عبد الله؟ قلت رجل من أهل الكوفة ، فما حاجتك؟ قال : أتعرف أبا جعفر محمد بن علي؟ قلت : نعم ، فما حاجتك إليه؟ فقال لي : إذا رأيت أبا جعفر فأخبرني ، فما انقطع كلامه حتى أقبل أبو جعفر وحوله أهل خراسان وغيرهم يسألونه عن
__________________
(١) سبأ / ١٨.
(٢) الاحتجاج ، الطبرسي ، ٢ / ٦٢ ـ ٦٣+ حياة الإمام الباقر ، القرشي ، ٢ / ٨١ ـ ٨٢.
(٣) المصدر نفسه والصفحة ـ المصدر نفسه والصفحة.
(٤) هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز ، أبو الخطاب السدوسي ، البصري ، مفسر حافظ ، ضرير اكمه ، قيل انه احفظ أهل البصرة ، وكان مع علمه في الحديث رأسا في العربية ومفردات اللغة ، وايام العرب وكان يرى القدر ، ويدلس في الحديث ، مات بواسط في الطاعون سنة (١١٨ ه) ، وولد سنة (٦١ ه). انظر مصادر ترجمته : تذكرة الحافظ ، الذهبي ، ١ / ١١٥+ طبقات المدلسين ، العسقلاني ، ١٢+ ميزان الاعتدال ، الذهبي ، ٢ / ٣٤٥+ تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ٨ / ٣٥١ ـ ٣٥٦.