ثالثا : خلو تفسيره من الروايات الإسرائيلية
وقف الإمام الباقر (عليهالسلام) من أخبار وروايات بني إسرائيل الموقف الذي تعلمه من آبائه الذين تعلموه على يد رسول الله (صلىاللهعليهوآله) وأقواله حين قال : إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم (١) ، وقال : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (٢). وليس مثل الإمام الباقر (عليهالسلام) إذا سمع الناس تحدث عن أهل الكتاب بقاصر ـ حاشا لله ـ عن تمييز الخبيث من الطيب وعن الرد والتوجيه لأنه كثيرا ما كان يصحح ويوجه ما ورد عن أهل الكتاب ، وإن جاء من ذلك شيء من تفسيره فهو أما ضعيف السند ، وأما من وضع الرواة والقصاص ، لأن الإمام الباقر كان يترفع في تفسيره من ذكر شيء من روايات أهل الكتاب ، وقد كانت هذه السمة واضحة من خلال ما عرضنا من جهوده في القصة القرآنية.
رابعا : تعرضه للأمور الغيبية وآيات العقائد
فقد تناول في تفسيره عدد غير قليل من الآيات التي تتعلق بالقضايا الغيبية مثل قضية بدء الخلق ، واخذ الميثاق ، واليوم الآخر ، وعدد آخر من الآيات لا يستهان به تناول فيها تفسير آيات التوحيد ونفي الصفات ، وما يتعلق بالنبوة والوحي وأقسامه فقدم فيها جهدا علميا رفيعا في الكشف عن مفاصلها المعرفية من خلال مشاركته في التفريق بين النبي والرسول ، وأقواله في علم الأنبياء وعصمتهم وغير ذلك ، وتفسيره أيضا للآيات المتعلقة بالإمامة والشفاعة.
كان الإمام الباقر (عليهالسلام) في ذلك كله موجها لأنظار الأمة الإسلامية إلى محاولات بعض الفرق الضالة ، المضلة ، التغلغل بين المسلمين ونشر أفكارها فيهم ، فكون الإمام الباقر وغيره من علماء هذه الأمة الأبرار سدا منيعا وخندقا مدافعا عن عقيدة الإسلام كدين وكمنهج لحياة افضل.
__________________
(١) صحيح البخاري ، ٦ / ٢٥.
(٢) صحيح البخاري ، ٤ / ٣٢٨+ تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ١ / ٤.