في الصدر الأول للإسلام وما يليه ، بحيث استطاع القرآن الكريم أن يرقى بهم إلى أعلى مستوى للسلوك الأخلاقي البناء الذي كان من الممكن الوصول إليه.
وقد كان للإمام الباقر حضور فعال في هذه المضامين الثلاثة ، إذ أثرت عنه جملة كبيرة جدا من الروايات في تفسير الآيات القرآنية المتضمنة لها ، وسنعرض لها كلا في مجاله ، في فصول ثلاثة.
وهذا الفصل في جهود الإمام في علم الكلام ، وهذا يتجلى بوضوح في تفسيره كما أثر عنه الآيات القرآنية المتعلقة بالله تعالى وجودا وصفة والمتعلقة بالمرسلين والإيمان بالبعث واليوم الآخر وغيرها ، وقد فسر كل ذلك بأسلوبه الخالي من التطرف والمبتعد عن التعسف فأضاف للعقول الإسلامية ثروة كبرى إذ استنار بآرائه جملة من العلماء.
والموسعات الإسلامية بحار نقلت ما يجمع على صحته ونقلت ما هو مختلف في صحته ، أعني ما أثر عن العلماء من عصر الصحابة رضي الله عنهم ، فقد جهدت جهدا في اصطفاء ما كان يبعد عن الشك بنسبته عن الإمام الباقر ، إذ ليس كل ما يؤثر يسطر ، بل منه ما يزول عليه الستار حتى لا تحدث فتنة بين العلماء الأبرار ، قال تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ)(١) وقال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ)(٢).
المبحث الأول
في التوحيد ونفي الصفات
التوحيد هو أول تعاليم الدين الإسلامي ، وأول ما دعا إليه الأنبياء ، قال الله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ)(٣) ومثل هذا ورد على لسان هود وصالح وشعيب (عليهمالسلام) (٤).
__________________
(١) البقرة / ١٦٣.
(٢) المائدة / ٧٣.
(٣) الاعراف / ٥٩.
(٤) ظ : الأعراف / ٦٥ ، ٧٣ ، ٨٥.