ولذا قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنّتك بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (١) ، حيث أنّ ظاهره صدقها على الأوّلين أيضا وان اختصّ عليهالسلام بالثّالث.
وأظهر منه ما روى عن مولانا الصّادق عليهالسلام قال : العبّاد ثلاثة قوم عبدوا الله خوفا فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله طمعا فتلك عبادة الأجراء ، وقوم عبدوا الله حبّا فتلك عبادة الأحرار (٢).
وأمّا أركان العبادة وحدودها الموجبة للتّحقّق بحقيقتها فهي ما أشار إليه مولانا الصّادق عليهالسلام في خبر عنوان البصري على ما رواه شيخنا المجلسي في البحار قال عليهالسلام : ليس العلم بالتّعلّم إنّما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه فان أردت العلم فاطلب أوّلا في نفسك حقيقة العبوديّة واطلب العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك قال : قلت : فما حقيقة العبوديّة؟ قال : ثلاثة أشياء أن لا يرى العبد لنفسه ممّا خوّله الله ملكا ، لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به ، ولا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا ، وجملة اشتغاله فيما أمره الله به ونهاه عنه ، فاذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله الله ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه ، وإذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدّنيا ، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء والمباهاة مع النّاس ، فاذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدّنيا وإبليس والخلق ، ولا يطلب الدّنيا تكاثرا وتفاخرا ، ولا يطلب ما عند النّاس عزّا وعلوّا ، ولا يدع
__________________
(١) شرح غرر ودرر للخوانسارى ج ٢ / ٥٨٠. شرح التوحيد للقاضي سعيد القمى ج ١ / ٧٣٣.
(٢) الكافي ج ٢ / ٨٤ وعنه البحار : ج ٧٠ / ٢٥٥ ح ١٢.