تبصرة عرفانية
روى السيد الجليل ابن طاووس في «سعد السعود» نقلا عن النقاش مسندا إلى ابن عباس قال : قال لي علي عليهالسلام :
«يا بن عباس! إذا صليت الآخرة ، فالحقني إلى الجبّانة» ، قال : فصلّيت ولحقته ، وكانت ليلة مقمرة ، فقال لي : «ما تفسير الألف من الحمد جميعا؟» قال : فما علمت حرفا أجيبه ، قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال لي : «ما تفسير اللام من الحمد؟» قال : فقلت : لا أعلم ، قال : فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة ، ثم قال : «ما تفسير الحاء من الحمد؟» قال : فقلت ، لا أعلم ، فتكلّم في تفسيرها ساعة تامة ، ثم قال : «ما تفسير الميم من الحمد؟» فقلت : لا أعلم ، فتكلّم في تفسيرها ساعة ، ثم قال «فما تفسير الدال من الحمد؟» قلت : لا أدري ، فتكلم فيها إلى أن برق عمود الفجر ، قال : فقال : «قم يا بن عباس إلى منزلك فتأهّب لفرضك ، فقمت وقد وعيت كلما قال ، قال : ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي عليهالسلام كالقرارة في المثعنجر ، قال : والقرارة : الغدير ، والمثعنجر : البحر (١).
أقول : في «القاموس» : المثعنجر بفتح الجيم وسط البحر ، وليس في البحر ماء يشبهه.
وقول ابن عباس وذكر عليا عليهالسلام : علمي إلى علمه كالقرارة في المثعنجر ، أي مقيسا إلى علمه كالقرارة موضوعة في جنب المثعنجر ، انتهى.
وفيه : القرارة بالضم ما بقي في القدرة ، أو ما لزق بأسفلها من مرق أو حطام ، والقرارة مثّلثة الماء البارد الذي يصبّ في القدر.
قلت : فتفسيرها بالغدير ليس على ما ينبغي ، بل التشبيه ليس في محله ولو
__________________
(١) سعد السعود : ص ٢٨٤ ، وعنه البحار : ج ٩٢ / ١٠٤.