صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (١) إلّا أن يقال إنّه لا يمنع من إطلاقه على غيره أيضا.
وقيل : إنّها الخضوع بأعلى مراتب الخضوع مع التعظيم بأعلى مراتب التّعظيم ، ولا يستحقّ ذلك إلّا بأصول النّعم وأعظمها من الوجود والحيوة والأرزاق والإمدادات الجسمانيّة والروحانيّة ممّا لا يقدر عليه أحد إلّا الله ، ولذلك اختصّ سبحانه بأن يعبد دون غيره ، فلا يستحقّ بعضنا على بعض العبادة وإن استحقّ عليه الشّكر والطّاعة.
وهذا التّعريف ذكره أكثر المحقّقين كالطّبرسى والبهائى والصّدر الشّيرازى وغيرهم إلّا أنّه يخرج عنه كثير من أفراد العبادة ممّا ليس في أعلى مراتب الخضوع والتّعظيم ، سواء اعتبر التّفضيل على الإطلاق أو بالاضافة في كلّ أحد بالنّسبة إلى حدّه ومقامه ودرجته.
اللهم إلّا أن يقال : إنّ الطّاعة بأنواعها وإن كانت مشتملة على الخضوع والتّعظيم إلّا أنّ نوعا منها مفضّل على غيره من الأنواع وهو ما كان على وجه العبوديّة للاله الحقّ أو الباطل ممّا يتخذونه آلهة فإنّ هؤلاء وإن لم يكونوا آلهة في الحقيقة ، ولذا لا تحقّ لها العبادة لكن اللّغة بل العرف لا تأبى عن إطلاق العبادة على تعظيم عبدة الأصنام لآلهتها.
وعلى كلّ حال فالأمر سهل هيّن في التّعاريف اللّفظية الّتي هي مجرّد القشور ، ولا يحتوي على شيء من النّور ، وإنّما الخطب في تحقيق حقيقة العبادة بل في التّحقق بها ، ولذا قيل : إنّها خلوص النّفس عن رقّ كلّ حظّ من الحظوظ الدّنيوية والأخرويّة ليعبد الله للحقّ لا للحظّ.
والحقّ أنّ هذا أكمل مراتبها وأرفع درجاتها فلا ترفع التسمية عن غيرها ،
__________________
(١) يس : ٦٠.