نعم ها هنا مقام آخر ، وهو أن العارف ربما يكون في مقام الانبساط الجمعي فلا يخصص شيئا من الأفعال بالاستعانة فيه وإن كان مشتغلا به ، وقد يكون أيضا ملتفتا إلى شؤونه الجزئية المتكثرة التي لا تحصى فيحمل الجميع بالذكر باعتبار الجمع ، مع أنه ربما يكون في التخصيص الإيهام بعدم الحاجة إلى الاستعانة في غيره ، وإن كان قد يكون لزيادة الاهتمام فيه بالخصوص.
وفي «العيون» و «المعاني» عن الرضا عليهالسلام قال : «بسم الله يعني أسم نفسي بسمة من سمات الله وهي العبادة ، قيل له : ما السمة؟ قال : العلامة» (١).
وهو مبنيّ على أنّ الاسم من الوسم بمعنى العلامة ، يعني أعلم نفسي بعلامة الله وهي العبادة التي جعلها علامة وسمة لعباده بها يمتازون عن غيره ، فالمتعلق حينئذ ما يشتق منه.
وأما الفعلية فلأنها لدلالتها على التجدد والحدوث أقرب إلى التوسل والتذلل ودوام الانقياد والاستمداد من منبع الفيض والجود وسيلان الاستفاضة من تجليات شمس الوجود.
هذا مضافا إلى احتوائه على ركني الكلام الذين هما المسند والمسند إليه ، مع أنّ إضمار المسند إليه يوجب تعلق الباء بغيره.
ثم إنّه قد ذكر ثاني الشهيدين وبعض من تأخّر عنه أن الباء إن كانت للملابسة فالظرف مستقرّ حال من ضمير أبتدء الكتاب كما في دخلت عليه بثياب السفر ، وإن كانت للاستعانة فالظرف لغو كما في كتبت بالقلم ، وفيه نظر ، إذ كما يمكن استفادة الاستعانة من الباء في الثاني مع تعلقها بالكتابة ، كذلك يمكن في الثاني استفادة
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ١ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ ، ح ١٩.