ولذا أشرنا سابقا إلى أنها معان مختلفة متغايرة.
وأما متعلق الباء ففيه وجوه ثمانية ، فإنه إما فعل ، أو اسم يشبهه وعلى الوجهين إمّا عام أو خاص مؤخّر عن الظرف أو مقدم عليه.
لكن قد يقال : إن الأولى هو الأوّل وهو الخاص الفعلي المؤخر.
أما الخصوص فلأن العام كمطلق الابتداء يوهم بظاهره قصر الاستعانة على ابتداء الفعل فيفوت شمولها لجملته.
أقول : ويؤيده أن المناسبة في كل فعل أن يقدّر ذلك الفعل ، فتكون الاستعانة سارية في جميع أجزاء الفعل ، على أن القصد وهو العمدة في المقام متوجه نحو التوسل والاستمداد في خصوص ما يباشره من الفعل ولذا ينبغي لكل فاعل أن يضمر ما يجعل التسمية مبدءا له ، فالداخل يضمر «بسم الله أدخل» والخارج يضمر «بسم الله أخرج» والمتكلم يضمر «بسم الله أتكلم» ، والقارئ يضمر «بسم الله أقرأ» وهكذا.
وإنّما حذف المتعلق لدلالة المقام وسياق الكلام عليه.
ويدل عليه أيضا ما روي في «تفسير الإمام عليهالسلام» ، وفي «التوحيد» عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام قال : «بسم الله يعني بهذا الاسم أقرأ أو أعمل هذا العمل» (١).
نعم ، في رواية أخرى عنه عليهالسلام قال : «بسم الله أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة إلا له ، المغيث إذا استغيث ، والمجيب إذا دعي» (٢).
ولعل المراد التعبير عن معنى الباء ، أو أن الجمع باعتبار الموارد ، لبيان خصوص المتعلق ، فلا يكون منافيا لما مر ، بل فيه دلالة على كون الباء للاستعانة كما مر.
__________________
(١) تفسير الصافي : ج ١ في تفسير سورة الفاتحة : ص ٥٠ عن التوحيد ، وتفسير الإمام عليهالسلام.
(٢) نفس المصدر.