المجتهد الذي قلّده هو الأعلم لا يجوز العدول ولو قبل العمل إلّا إذا كانت فتوى الثاني موافقة للاحتياط وان كانا متساويين.
فمع العلم بالمخالفة لا بدّ من العمل بالاحتياط ومع عدم امكانه أو مع عدم وجوبه لا يجوز العدول لكون المورد من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير ولا ريب في أن مقتضى حكم العقل هو التعيين في صورة دوران الأمر بين التعيين والتخيير في باب الحجّة ولا فرق في ذلك بين العمل بفتوى المجتهد الأوّل وعدمه.
وأمّا إذا لم يعلم الاختلاف بينهما فان لم يكن العامّي حين العدول ذاكرا لفتوى المجتهد الأوّل جاز له العدول سواء عمل بفتوى المعدول عنه أم لم يعمل بها لشمول اطلاق قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) لفتوى كل منهما أي فتوى المعدول عنه وفتوى المعدول إليه.
وامّا إذا كان ذاكرا لها فلا يجوز العدول لدوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجّة ويحكم العقل في مثله بالتعيين كما مرّ آنفا ، سواء عمل بفتوى المجتهد الأوّل أم لم يعمل بها.
فتحصّل ممّا ذكر أنّه لا فرق في جواز العدول وعدمه بين العمل بفتوى المجتهد الأوّل وعدمه كما لا يخفى.
هنا فروع ثلاثة :
الأوّل : إذا علم اختلاف المجتهدين وأعلمية أحدهما إجمالا وجب الفحص عن الأعلم ووجب تقليده لاختصاص الحجية بفتواه عند مخالفته لفتوى غير الأعلم ، وامّا إذا لم يتمكّن من تعيينه وجب الاحتياط بين القولين فيما إذا أمكن وإلّا كان مخيّرا بينهما من حيث التقليد وإن تمكّن من تعيين الأعلم بالظن فانّه لا دليل على اعتبار هذا الظن. والحال ان الأصل الأوّلي حرمة العمل بالظن إلّا ما خرج بالدليل وذلك كالظن الحاصل من ظواهر الكتاب المجيد ومن الأخبار الآحاد.