غاية الأمر أن الأخباري ينازع في حجّية ما يراه الأصولي حجّة كأصالة البراءة في الشبهات التحريمية الحكمية لأن الأخباري قائل فيها بالاحتياط ، وهو لا يضرّ في الاتفاق على صحّة الاجتهاد بالمعنى الذي ذكرناه.
ولعلّ النزاع بين الأخباري والأصولي في صحّة الاجتهاد وعدمها لفظي إذ استنكار الأخباري راجع إلى الاجتهاد بمعنى تحصيل الظن بالحكم الشرعي واثبات الأصولي راجع إلى الاجتهاد بمعنى تحصيل الحجّة القطعية على الأحكام الشرعية فمورد الانكار والاثبات متعدّد وقد وقع النزاع بين الأخباريين ، كما في الشبهة الوجوبية فأكثرهم قائل بالبراءة فيها وبعضهم قائل بالاحتياط فيها ، وكذا في جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية الكلية إذ المحدّث الاسترآبادي قدسسره أنكر جريانه فيها ، كما وقع بينهم وبين الأصوليين مثلا في الشبهات الحكمية الوجوبية قال جمهور الأخباريين بجريان البراءة فيها وذهب بعضهم إلى لزوم الاحتياط فيها ، اما في الشبهات الحكمية التحريمية فقد التزموا بالاحتياط فيها وقد سبق هذا المطلب. وأما الأصوليون فهم قائلون بالبراءة فيها.
في تقسيم الاجتهاد إلى مطلق وإلى تجزّي
قوله : فصل ينقسم الاجتهاد إلى مطلق وتجزّي فالاجتهاد المطلق ...
فهنا مقامان :
المقام الأوّل : فيما يتعلّق بالاجتهاد المطلق ؛ وفي أحكامه ولا بدّ من تعريف الاجتهاد المطلق أوّلا ثم بيان أحكامه ثانيا إذ أحكام الشيء من لوازمه وأوصافه فالشيء متى لم يعرّف أوّلا كيف يبحث عن أوصافه وأحواله ، ولهذا شرع المصنّف قدسسره في تعريفه وقال ان الاجتهاد المطلق هو ما يقتدر الشخص على استنباط الأحكام الفعلية لا الإنشائية من أمارة معتبرة كاشفة عن الحكم الواقعي كخبر العدل والثقة مثلا أو أصل معتبر عقلا كالبراءة العقلية ويعبّر عنه في الاصطلاح