لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) ، أي يغضوا أبصارهم ، أو تكون للتعدية بمعنى الباء وكلمة ما مصدرية زمانية فيكون حاصل المعنى أنّه إذا أمرتكم بشيء فأتوا به حين استطاعتكم وقدرتكم فتكون الرواية لبيان اشتراط التكليف بالقدرة وهو جار في جميع التكاليف أعم من الحج وغيره. وهذا المعنى ممّا لا مناص من الالتزام به بعد عدم إمكان الالتزام بالاحتمالين الأولين.
وفي ضوء هذا فلا مجال للاستدلال بهذه الرواية على قاعدة الميسور وعلى المدعى كما لا يخفى.
وامّا الرواية الثالثة فأمرها دائر بحسب مقام التصوّر والثبوت بين صور الأربع :
الاولى : أن يكون المراد بالكل في كلتا الفقرتين العموم الاستغراقي.
الثانية : أن يكون به فيهما العموم المجموعي.
الثالثة : أن يكون المراد به في الفقرة الاولى العموم الاستغراقي ، وفي الثانية العموم المجموعي.
الرابعة : عكس الثالثة : اما الصورة الاولى والثانية فلا يمكن الالتزام بهما ، إذ لا يعقل الحكم بوجوب الإتيان بكل فرد فرد مع تعذّر الإتيان بكل فرد فرد وكذا الحكم بوجوب الإتيان بالمجموع مع تعذّر الإتيان بالمجموع ، وكذا لا يمكن الالتزام بالصورة الثالثة ، إذ لا يعقل وجوب الإتيان بالمجموع مع تعذّر الإتيان بكل فرد فرد.
وفي ضوء هذا فتعيّن الالتزام بالصورة الرابعة فيكون المراد هو النهي عن ترك لجميع عند تعذّر المجموع فيكون مفاد الرواية أنّه إذا تعذّر الإتيان بالمجموع لا يجمع في الترك بل يجب الإتيان بغير المتعذّر. ولا يخفى أن هذا المعنى يشمل الكلّي الذي له أفراد متعدّدة تعذّر الجمع بينهما والكل الذي له أجزاء مختلفة الحقيقة قد تعذّر بعضها ، وذلك كالصلاة التي تعذّر فيها القراءة والستر مثلا ، فتكون الرواية