في السفر ومشقة الاحرام قبل الميقات.
اما مشقة الصوم في السفر فواضحة ، واما مشقة الاحرام قبل الميقات فلأن الاحرام مستلزم لترك محرمات الاحرام وتركها مستلزم للمشقة لزيادة المسافة فالاحرام قبل الميقات مستلزم للمشقة لأن مستلزم المستلزم للشيء مستلزم لذاك الشيء وهذا واضح. ولذا انعقد اجماع الأصحاب قدسسرهم على بطلانه.
وعلى طبيعة الحال فالمقتضي لجواز الصوم في السفر قبل النذر موجود وهو رجحانه ، والمانع عنه أيضا موجود وهو مشقة في السفر فالمقتضي لا يؤثر في المقتضى لوجود المانع ، وكذا الحال في الاحرام قبل الميقات حرفا بحرف.
واما صحة الصوم في السفر بعد تعلق النذر به وصحة الاحرام قبل الميقات بعد تعلق النذر به فهما انما تكونان لوجوه ثلاثة :
الأول : ان يكون النص الذي دل على صحتهما كذلك كاشفا عن رجحانهما ذاتا ، والمانع عنه في السفر وقبل الاحرام يرتفع بالنذر فاذا ارتفع أثّر المقتضي وهو رجحانهما ذاتا في المقتضى وهو جوازهما فيه وقبله.
فان قيل : إذا كانا راجحين ذاتا كانا ذا مصلحة وإذا كانا كذلك فلا بد من الأمر بهما وجوبا أو استحبابا كي لا تفوت مصلحتهما على العباد.
قلنا : لم يؤمر بهما لا وجوبا ولا استحبابا لوجود المانع عنه ، كما ذكر آنفا ويرتفع بالنذر فحسب.
الثاني : ان يكون النص الذي دل على صحتهما بعد تعلق النذر بهما كاشفا عن صيرورتهما راجحين من جهة النذر ، وان لم يكونا راجحين ذاتا كما يدل خبر الباب على ان الاحرام قبل الميقات كالصلاة قبل الوقت في عدم الرجحان الذاتي وعلى الملازمة بين القصر والافطار.
الثالث : ان يكون النص الذي دل على صحتهما بالنذر مخصّصا للدليل الذي دل على اعتبار الرجحان في متعلق النذر وللدليل الذي دل على عدم جواز الصوم