المهم ، نحو طلب الضدين في عرض واحد مثل (اقعد الآن وقم الآن) ، بل يكفي الطرد من طرف الأهم فقط ، إذ هو يطرد طلب المهم في حال ايجاد المهم ، كما يطرد كل ضد في حال ايجاد المهم ، وفي حال عدم ايجاده ، فلا يكون للأمر بالمهم مع الأمر بالأهم مجال أصلا.
فالمصنف أنكر الترتّب انكارا شديدا ، فالأمر الأهم طارد الأمر بالمهم في حال العصيان وفي حال ايجاد المهم وفي حال عدم العصيان وفي حال عدم ايجاد المهم وهو ظاهر.
قوله : ان قلت فما الحيلة فيما وقع كذلك من طلب الضدين ...
اعترض القائل بالترتّب على المصنف الذي انكره كمال الانكار بانه وقع الأمر بضدين على نحو الترتب في العرفيات كثيرا ، كما يقول الأب لولده : (اذهب هذا اليوم إلى المعلم فإن عصيت فاكتب في الدار ، ولا تلعب مع الصبيان) فيكون هذا أمر بضدين على نحو الترتب ، فالأدب أراد الضدين وطلبهما من ولده ، ومثله كثير عند أهل العرف والعقلاء كما لا يخفى.
قوله : قلت لا يخلو إما أن يكون الأمر بغير الأهم بعد التجاوز ...
فأجاب المصنّف عنه : بأنّ الأمر بغير الأهم أي بالمهم في العرفيات لا يخلو من أحد وجهين :
اولهما : ان المولى صرف النظر عن الأمر بالأهم ، وبعد صرف النظر عنه أمر بالمهم أمرا مولويا ، ولا يكون للمولى حينئذ الأمران : الأمر بالأهم والأمر بالمهم ، بل له الأمر بالأهم فقط أولا ، وبعد صرف النظر عنه لمصلحة يراها او لعدم اتيان العبد اياه أمر بالمهم لمصلحة ، فالأمر الشرعي والأمر العرفي يفترقان ، لأن الشارع لم يصرف النظر عن الأمر الأهم إذ لا يسقط أمره إلّا بتحقق العصيان كما سبق.
فالأوامر العرفية لا دخل لها بمسألة الترتب ، بل هي خارجة عما نحن فيه. لأن المفروض ، فيما نحن فيه ، ان الشارع المقدس لم يتجاوز عن الأمر بالأهم ولم