وامكان الشرط المتأخر وتصويره قد مرّ في بحث مقدمة الواجب فلا حاجة إلى التكرار ، وقيل هناك ان رجوع الشرط المتأخر إلى تصوره ولحاظه مثل تصور الاجازة في صحة بيع الفضولي بعد العقد ، فيتصور المولى الاجازة قبل العقد ولكن تحقّقه في الخارج يكون بعد العقد فهي مقدمة على المشروط الذي هو صحة البيع تصورا ولحاظا وان كانت مؤخرة عنها وجودا وتحققا ، فيكون الشرط وجود تصوره لا وجود خارجه ، فلا يلزم حينئذ اشكال تأخير الشرط عن المشروط ، فكذا عصيان الأمر الأهم يكون مقدما من حيث التصور على الأمر المهم وان كان مؤخرا عنه ، أي عن الفعل المهم ، وجودا. فالأمر موجود لضدين : الأهم والمهم ، أي يكون احدهما أهمّ والآخر مهما على نحو الترتب.
أو يكون الأمر المهم مشروطا بارادة عصيان الأمر الأهم ، فارادة العصيان من المكلف اما أن يكون مقدما من حيث الوجود على فعل المهم ، او يكون مقارنا له ، فارادة العصيان اما أن يكون على نحو الشرط المتقدم كالوضوء للصلاة ، أو على نحو الشرط المقارن كالستر لها ، وهذا النحو من الأمر ليس بمحال لأنه وقع كثيرا عرفا مثل قول الوالد لولده : (تعلّم العلم وان عصيت أمر التعلم فاشتغل بكذا وكذا).
فخلاصة الكلام : انه يصحّ ان يقول الآمر : (ازل النجاسة عن المسجد وإن عصيت الأمر بالازالة فصلّ) أو (ان بنيت على عصيان الأمر بالازالة فصلّ) على نحو الشرط المتأخر ، إذ لو كان الأمر بالمهم مشروطا بالعصيان بنحو الشرط المتقدم كان خارجا عما نحن فيه من الأمر بالضدين في وقت واحد ، لأنه إذا تحقق العصيان في الزمان السابق فقد سقط الأمر بالأهم ، ويثبت بعده الأمر بالمهم وحده ، فيكون الأمر بهما في زمانين.
وكذا لو كان بنحو الشرط المقارن ، لأن العصيان إذا قارن الأمر بالمهم كان سقوط الأمر بالأهم الملازم للعصيان مقارنا للأمر بالمهم ، فلا يقترن الأمران بهما في زمان واحد.