وان كانت من الثاني وقع التزاحم بين مقتضي الحرمة في المقدمة وبين مقتضي الوجوب في ذيها ، فيؤخذ بالأقوى منهما. فان كان مقتضي الحرمة في المقدمة المحرمة أقوى بقيت على حرمتها وسقط وجوب ذيها. وان كان مقتضي الوجوب فيها اقوى سقط تحريمها ووجبت مطلقا ، على المشهور ، أو في حال فعل الواجب بعدها بناء على المقدمة الموصلة. ومع تساوي المقتضيين تثبت الاباحة ، فيجوز فعل المقدمة في ظرف فعل ذيها على القول بالمقدمة الموصلة.
وعلى المشهور يجوز فعل المقدمة المحرّمة وان لم يفعل بعدها الواجب ، كما تقدم في مبحث المقدمة.
وان كانت من الثالث ثبت الوجوب للفرد المباح تعيينا ، ولا يثبت الوجوب للفرد المحرم ، إذ مناط الوجوب تخييري ومناط التحريم تعييني. والحال ان الأول وان كان أقوى ، لا يزاحم الثاني وان كان أضعف ، كما لا يخفى.
توضيح في طي التخييري والتعييني : وهو ان الفرد المباح واجب تخييري بحسب الازمان ، وان الفرد الحرام واجب تعييني ، بمعنى ان يترك في جميع الأزمان والأوقات حتما.
إذا تمهّد هذا فاعلم ان المقام إما أن يكون من قبيل الثاني إذا لم يكن الطريق المباح للخروج ، واما أن يكون من قبيل الثالث إذا كان الطريق المباح له منها. وعلى كلا التقديرين لا يكون واجبا لكونه منهيا عنه بالنهي السابق. والحال ان المكلف قد توسط الدار المغصوبة بسوء اختياره فالخروج يبقى على حرمته حينئذ وإلا يلزم ان تكون حرمة الخروج معلقة بارادة المكلف واختياره لترك الدخول في الدار المغصوبة ، ويلزم ان يكون الخروج غير محرم مع اختيار المكلف للدخول وهذا فاسد قطعا ، لأن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد ولا تكون لارادة المكلف ، فان قيل ان المقدمة إذا انحصرت بالمحرمة منها فهي تتصف بالوجوب الغيري فيترشح الوجوب عليها فالخروج إذا كان التخلص من الحرام منحصرا فيه