المضطر قبيح بل محال. ولجريان حكم المعصية عليه ، بان كان منهيا عن الدخول وقد دخلها بسوء الاختيار ، لأن المكلف قبل الدخول في الدار المغصوبة قادر على ترك الخروج وترك البقاء بترك الدخول رأسا ، فهو مكلف بترك الغصب على جميع أنحائه من الدخول والخروج والبقاء ، أي لا تصرف في ارض الغير. فاذا دخلها بسوء الاختيار فقد عصى النهي بالاضافة إلى الدخول والخروج ، فيستحق العقاب عليهما ، لأن المكلف حيث كان قادرا على ترك الحرام رأسا ، فلا يكون ـ عقلا ـ معذورا في مخالفة النهي لا دخولا ولا خروجا ، لأن الدخول بالاختيار لا بالاجبار والاكراه.
وأما الخروج فلأن المكلف ، وان كان مضطرا اليه ، ولكن لمّا كان بسوء اختياره فلا يكون معذورا فيه ، إذ الاضطرار يكون عذرا إذا كان الدخول فيها بلا اختياره ، ولا يكون عذرا إذا كان بسوء اختياره ، لا سيما مع العلم بالموضوع ، أو الموضوع والحكم معا ، فيكون معاقبا على الخروج.
واحتجّ المصنّف قدسسره لعدم وجوب الخروج فعلا من باب المقدمية للتخلص الأهم بكون التوقف والانحصار بسوء الاختيار ، فلا ينفع توقف انحصار التخلص من الحرام الذي هو الابقاء والبقاء في الدار المغصوبة في وجوب الخروج لكون الخروج بسوء الاختيار.
فبالنتيجة : فالصور ثلاثة :
الأولى : عدم توقف التخلص من الحرام على الخروج رأسا.
الثانية : توقفه عليه مع عدم الانحصار.
الثالثة : توقفه عليه مع الانحصار فكلها متساو في الحرمة والعقاب ، ولا يكاد ينفع في رفع حرمة الخروج انحصار التخلص من الحرام بالخروج لكونه بسوء اختياره ، وعلى كل التقادير فهذا حرام ومحرم.
وفي ضوء هذا انقدح ان الخروج منهي عنه ومحرم ، كما ان الدخول والبقاء حرام.