فخلاصة الكلام : ان الجواب عن اجتماع الوجوب والاستحباب في العبادات المستحبّة يرجع إلى وجوه ثلاثة :
الأول : ان يحمل الأمر الاستحبابي على الارشادي الذي هو أمر حقيقة ، كالأمر المولوي ، من غير فرق بين القول بالجواز والقول بالامتناع ، فالمجوز والمانع كلاهما يتصرف فيه.
الثاني : ان يحمل الأمر الاستحبابي على المولوي الاقتضائي ، وهو أمر على سبيل الحقيقة تعلق بالعبادة ، لكن في مرحلة الاقتضاء ، بمعنى وجود المصلحة فيها لا في مرحلة الفعلية.
وهو : فيما إذا كان ملاكه اتحاد العبادة مع عنوان المستحب ، كالكون في المسجد أو الحرم من دون فرق بين القولين ايضا ، فالمجوز والمانع كلاهما يحتاجان إلى التأويل والتوجيه لظهور الأمر في المولوي الفعلي لا الارشادي ولا الاقتضائي ، مضافا إلى ان المجوّزين قائلون بالاجتماع في صورة تعدد الجهة والعنوان ، وفي المقام تتحد الجهة لاتحاد الكون مع الصلاة فلا يمكن ان تكون الصلاة واجبة من حيث كونها صلاة ، وان تكون مستحبة من حيث كونها في المسجد ، للتضاد بين الواجب الفعلي والاستحباب الفعلي ، ولكن لا تضاد بينه وبين الاستحباب الاقتضائي.
والثالث : ان يحمل الأمر الاستحبابي على المولوي الفعلي ، فتارة يكون تعلقه بها بالعرض والمجاز ، وذلك فيما إذا كان متعلق الأمر الاستحبابي عنوان الملازم للعبادة جماعة ، كاجتماع المؤمنين في المسجد أو في غيره ، وهو مستحب عند الشارع المقدس لترتب المصالح عليه ، كزيارة بعضهم بعضا ، وكاعانته له ، وكاطلاعه عن حاله ، وكمحبته له. فالأمر الاستحبابي تعلق اولا وبالذات بالعنوان الملازم ، وهو تعلق ثانيا وبالمجاز بالعبادة.
واخرى يكون تعلقه بها على نحو الحقيقة ، وذلك فيما إذا كان متعلق الأمر