« وأضبأ إليّ إضباء السّبع لطريدته » من جملة قوله عليهالسلام : « وكم من باغ بغاني بمكائده ، ونصب لي شرك مصائده ، وكّل بي تفقّد رعايته ، وأضبأ إليّ إضباء السبع لطريدته » ، أخذ ذلك المقطع وشرحه قائلا : أي اختبأ ليختلني كاختباء السبع ليختل طريدته ، وعدّاه بـ « إلى » لتضمينه معنى القصد ، أي قصد إليّ ، أو هي بمعنى اللام ، نحو « الأمر إليك ».
وشرحه لهذه الفقرة هنا أمتن وأتمّ بكثير من شرحه لها في رياض السالكين ، حيث اقتصر هناك على قوله : ضبأ يضبأ ـ من باب منع مهموز اللام ـ ضبأ وضبوءا : لصق بالأرض يستتر بها ليختل ، كأضبأ إضباء ، وباللغتين وردت الرواية في الدعاء ، والسبع ـ بفتح السين وضم الباء وتكسر ـ كل ذي ناب يعدو به ويفترس ، كالأسد والذئب والفهد والنمر ، والطريدة : فعيلة بمعنى مفعولة ، من طردت الصيد طردا ، من باب قتل ، إذا أثرته واخرجته من مكانه ، والاسم الطّرد بفتحتين (١) ... الخ ، وهذا يؤكد ما قلناه من أنّ عمله في الصحيفة وشرحها أثرى عنده اللغة ـ وخصوصا الأثر ـ بشكل كبير في تأليفه الطراز.
* وفي مادة « ضوأ » قال : وفي حديث عليّ عليهالسلام : « وإني من أحمد بمنزلة الضوء من الضوء » : قيل يشير إلى أن كمالات نفسه المقدسة مقتبسة من كمالات نفس النبي ؛ كشعلة مصباح اقتبست من شعلة مصباح أكبر ، على ما جرت به العادة والعرف في تمثيل النفوس المقدسة والعلوم الإلهية بالاضواء والأنوار.
وكلام أمير المؤمنين هذا موجود في أقدم المصادر وأوثقها كأمالي الصدوق (٢)
__________________
(١) رياض السالكين ٧ : ٢٧١.
(٢) أمالى الصدوق : ٦٠٤.