كان هذا هو منهج كثير من اللغويين القدامى ، حيث كانوا يستدركون وينقدون من سبقهم ، وما كانوا ليتكّلوا على المصنفات.
ومن الذين استدركوا على الخليل بن أحمد الفراهيدي ـ أوّل من صنّف في اللغة وفق برنامج صوتي خاص ـ هو المفضل بن سلمة (١) وأبو بكر بن دريد والجهضمي والسدوسي وغيرهم ، فبعض هؤلاء اختلفوا معه في المنهجية والترتيب ، والبعض الآخر اعترض عليه لتفرّده بذكر كلمات لم تسمع ، أو لإهماله أبنية مستعملة (٢) ، أو عدم استيفائه الصيغ الواردة في كلام ، أو إشارات منهم إلى وجود أخطاء صرفية وتصحيفات وتحريفات في العين (٣).
وقد أشار ابن منظور إلى ذلك وهو في معرض النقد للخليل ، فقال :
|
( كأن واضعه شرع للناس موردا عذبا وحلّأهم عنه ، وارتاد لهم مرتعا ومنعهم منه ، قد أخّر وقدّم ، وقصد أن يعرب فأعجم ، فرّق الذهن بين الثنائي المضاعف والمقلوب وبدّد الفكرة باللفيف والمعتل والرباعي والخماسي ، فضاع المطلوب ) (٤). |
__________________
(١) وقد رده أبو محمّد بن درستويه في كتاب خاص ، قال السيوطي ( ورواه بن درستويه وله كتاب في الردّ على المفضل بن سلمة فيما نسبه من الخلل إليه ) المزهرا : ٨٩.
(٢) انظر تخطئة ابن دريد للخليل ، وأنّه صحف ( يوم لغات ) بالغين المعجمة ، وإنما هي بالمهملة ( المزهر ٢ : ٣٥٣ ).
(٣) انظر جرد ذلك في المزهر ٢ : ٣٨١ ـ ٣٩٠ عن الزبيدي في استدراكه على العين.
(٤) انظر مقدمة لسان العرب ١ : ٧.