أنس ، فكان ذلك كتقويم ابن عمر وعائشة ، رضي الله عنهم.
وليس في التقويم حجة في واحد من المقومين ؛ لمخالفة (١) كل واحد منهم صاحبه ، وإنما قوموه من قبل أنفسهم.
فأما إن كان في مجنّين مختلفين : فهو على التناسخ ، وأما إن كان في مجن واحد في وقتين مختلفين : فإن كان في وقتين مختلفين (٢) ، لم يكن لمخالفنا فيه حجة ؛ لما يحتمل الزيادة والنقصان على اختلاف الأوقات ، وإن كان في مجنين مختلفين فهو على التناسخ فلم يظهر ؛ فلا يقدم على القطع بالشك.
ثم الأخبار التي تمنع القطع بدون العشرة :
ما روي عن عمرو بن شعيب (٣) قال : «دخلت على سعيد بن المسيب ، فقلت له : إن أصحابك : عروة ، ومحمد بن مسلم ، وفلان ـ رجل آخر ـ يقولون : ثمن المجن خمسة دراهم أو ثلاثة؟ فقال : أما هذا فقد مضت السنة فيه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشرة دراهم (٤).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : ثمن المجن في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشرة دراهم.
وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنه كان لا يقطع اليد إلا في ثمن المجن ، وهو يومئذ يساوي عشرة دراهم» (٥).
فلما اختلف المقومون في قيمة المجن رجعنا إلى ما روي عن سعيد بن المسيب ؛
__________________
(١) في ب : بمخالفة.
(٢) في ب : مخالفين.
(٣) عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي أبو إبراهيم ، قال البخاري : رأيت أحمد بن حنبل وعلى بن المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عبيد وعامة أصحابنا ـ يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. توفي سنة ثماني عشرة ومائة. ينظر : تهذيب الكمال (٢٢ / ٦٤) ، تاريخ الدوري (٢ / ٤٤٥) ، تاريخ البخاري : ترجمة رقم (٢٥٧٨).
(٤) أخرجه عبد الرزاق (١٨٩٥١).
(٥) أخرجه أبو داود (٤ / ٥٤٨) كتاب الحدود : باب : ما يقطع فيه السارق حديث (٤٣٨٧) ، والنسائي (٨ / ٨٣) كتاب قطع السارق : باب : القدار الذي إذا سرق قطعت يده ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣ / ١٦٣) كتاب الحدود : باب : المقدار الذي يقطع فيه السارق ، والدار قطني (٣ / ١٩٢) كتاب الحدود والديات حديث (٣٢٣) ، والحاكم (٤ / ٣٧٨) كتاب الحدود باب : قطع يد السارق ، والبيهقي (٨ / ٢٥٧) كتاب السرقة باب : ثمن المجن وما يصح منه.
كلهم من طريق محمد بن إسحاق عن أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس قال : كان ثمن المجن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشرة دراهم.
قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.