واحد.
وإذا كان في مختلف الأسباب فيخرج مخرج بيان الحكم لكلّ في نفسه ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) [الكهف : ٨٦] لا يحتمل التخيير ، ولكنه على بيان الحكم لكلّ في نفسه ؛ لأن سبب وجوبه مختلف ، فتأويله : إما أن تعذب من ظلم ، وتتخذ الحسن فيمن آمن بالله ؛ ألا ترى أنه قال : (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) [الكهف : ٨٧ ـ ٨٨].
وقول من جعل الحكم فيمن جمع القتل وقطع الطريق أقرب إلى التأويل ـ والله أعلم ـ ممن لم يجمع (١) ؛ لأنه قال ـ عزوجل ـ : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ...) الآية ، فمن (٢) حارب وأفسد في الأرض فقد أتى بالأمرين جميعا ؛ لأن محاربته أن يقتل ، وإفساده في الأرض بقطع الطريق ، فإذا جمع هو بين الأمرين يجمع بين عقوبتين.
وأصله أن أمر قطاع الطريق محمول على فضل تغليظ ، [من نحو ما يجمع بين قطع اليد والرجل في أخذ المال ، وذلك لا يجمع في أخذ المال في المصر ، ومن نحو الصلب ، وذلك لم يجعل في غيره من القتل في المصر ؛ فدل أنه محمول على فضل تغليظ](٣) ، فجاز أن يجمع بين ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ) : قال بعضهم : «وينفوا من الأرض» على إسقاط الألف ، ويكون في القتل والصلب نفيه إذا قتل وأخذ المال.
وقال بعضهم : نفيه أن يطلب فلا يقدر عليه (٤).
وعن الحسن قال : يطلب حتى يخرج من أرض الإسلام ، وذلك إلى الإمام (٥).
وأصله ما ذكرنا : أنه إذا قدر عليه وقد قتل وأخذ المال يقتل ؛ وفي القتل نفيه ، وإذا لم يقتل ولم يأخذ المال حبس إن قدر عليه ؛ وفي الحبس نفيه ، وإن لم يقدر عليه يطلب حتى يبرح عن الطريق ، والله أعلم.
وقول أبي عبيد ؛ حيث قال : إنه يصلب بعد القتل ؛ لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن
__________________
(١) في ب : يجمع الآية.
(٢) في ب : فيمن.
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٤) قاله الزهري ، أخرجه عنه الطبري (٤ / ٥٥٨) رقم (١١٨٦٩) ، ذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٤٩٤) وعزاه لعبد بن حميد عن الزهري.
(٥) أخرجه الطبري (٤ / ٥٥٨) رقم (١١٨٦٧) ، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٤٩٤).