أخبر أنه جعل في قلوب الذين اتبعوا أمر الله وأطاعوا رسوله الرحمة والرأفة بقوله ـ تعالى ـ : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً) [الحديد : ٢٧] ؛ فإذا نزعت الرحمة من قلوبهم صارت قاسية يابسة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ)
يحتمل أن يكونوا يغيرون تأويله ويقولون : هذا من عند الله.
ويحتمل التحريف : تحريف النظم والمتلو ، ومحوه ، ويكتبون غيره.
(وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ)
قيل : ضيعوا كتاب الله بين أظهرهم ، ونقضوا عهده الذي عهد إليهم ، وتركوا أمره (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) ، أي : وعظوا به ، وقيل : تركوا نصيبا مما أمروا به في كتابهم من اتباع محمد صلىاللهعليهوسلم (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ)
إخبار عن تمردهم في المعاندة ، وكونهم في الخيانة ، وإياس عن إيمانهم ، ثم استثنى فقال :
(إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ)
وهم الذين أسلموا منهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ)
ولا تكافئهم لما آذوك.
ثم قال بعضهم : هو منسوخ بآية القتال في سورة براءة ، وهو قوله ـ تعالى ـ : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ...)(٣) الآية [التوبة : ٢٩].
ويحتمل (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) إلى أن تؤمر بالقتال ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى)
عن الحسن قال : قال (٤) للنصارى : (كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) [الصف : ١٤] ؛ فقالوا : بل نكون
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه عنه الطبري (٤ / ٥٠٠) ، رقم (١١٦٠٤) ، وعبد بن حميد وابن المنذر ، كما في الدر المنثور (٢ / ٤٧٤).
(٢) قاله ابن عباس ، كما في تفسير الرازي (١١ / ١٤٨).
(٣) قاله قتادة ، أخرجه عبد الرزاق في التفسير ، ومن طريقه الطبري (٤ / ٤٩٨) ، رقم (١١٥٩٦). وقاله ـ أيضا ـ مجاهد ، أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبري وابن المنذر ، كما في الدر المنثور (٢ / ٤٧٤).
(٤) في الأصول : قالوا.