شفاعة حسنة ؛ فله في ذلك نصيب.
ويحتمل : الشفاعة السيئة : هي أن يسعى في فساد أمر (١) يلحقه من ذلك نقمة ومظلمة ؛ فله في ذلك إثم.
وقيل : الشفاعة الحسنة : هي التي ينتفع بها وعمل بها ، هي بينك وبينه ، هما فيها شريكان (٢) ، والشفاعة [السيئة] هي التي تضر به ، هما فيها شريكان.
ويحتمل : أن تكون الشفاعة الحسنة : كل صانع معروف ، وكل آمر به ، والشفاعة السيئة : كل صانع منكر ، وآمر به ؛ فهما شريكان في ذلك : الآمر والفاعل جميعا.
ويحتمل ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كلّ معروف صدقة ، والدّالّ على الخير كفاعله ، والله يحبّ إغاثة اللهفان» (٣).
وعن الحسن ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا صدقة أفضل من صدقة اللّسان» ؛ قيل : وما صدقة اللسان يا رسول الله؟ قال : «الشّفاعة تجريها إلى أخيك ، وترفع عنه ثقل الكريهة وتحقن بها الدم» (٤).
والكفل والنصيب واحد (٥).
وقيل : الكفل : الجزاء ، وهو واحد.
وقيل : الكفل : الإثم (٦) ، ولكن ليس إثمه خاصة ؛ ألا ترى أنه قال : (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) الحديد : ٢٨]
__________________
(١) في ب : أمره.
(٢) رواه ابن جرير (٨ / ٥٨٢) رقم (١٠٠١٩) ، عن ابن زيد.
(٣) رواه البخاري (١٠ / ٤٦٢) : كتاب الأدب : باب كل معروف صدقة ، (٦٠٢١) ، ومسلم (٢ / ٦٩٧) : كتاب الزكاة باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف ، رقم (٥٢ ـ ١٠٠٥) ، بلفظ : «كل معروف صدقة» عن جابر والدال على الخير كفاعله.
رواه الطبراني في الكبير (١٧ / ٢٢٧) رقم (٦٢٩ ، ٦٣٢) عن ابن مسعود.
(٤) أخرجه الطبراني في الكبير (٧ / ١٩٤) فيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف. وذكره التقي الهندي في كنز العمال ٦ / ٤٢٢) وعزاه للطبراني والبيهقي عن سمرة.
(٥) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٨٢ ـ ٥٨٣) (١٠٠٢٣) عن زيد ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٦).
قال القاسمي (٥ / ٣٣٤) : الخامسة : نكتة اختيار النصيب في «الحسنة» والكفل في «السيئة» ما أشرنا إليه وذلك أن النصيب يشمل الزيادة لأن جزاء الحسنات يضاعف ، وأما الكفل فأصله المركب الصعب ، ثم استعير للمثل المساوي ، فلذا اختير ، إشارة إلى لطفه بعباده ، إذ لم يضاعف السيئات كالحسنات ، ويقال : إنه وإن كان معناه المثل لكنه غلب في الشر ، وبدر في غيره كقوله ـ تعالى ـ : (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) [الحديد : ٢٨] فلذا خص به السيئة تطرية وهربا من التكرار.
(٦) أخرجه ابن جرير (٨ / ٥٨٢) (١٠٠٢٠) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٣٣٥) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.