ثم معلوم أن يملك الزوج فيها ما به يحل لغيره من الفراق حضرة فعله ، فلما دخل عجز [عن](١) ذلك بما أحدث له فيها الاستمتاع بها حقّا بعد الفراق أبقاها على ما سبق من الوصل بلا فراق ؛ فعلى ذلك ما فيه من الحق ؛ إذ ذلك واجب بما فيه الشرك على أنها في بقية ملك له بنكاح عملت فيها بقية ملكه عمل صلة ملكه فمثله فيه ، وقد ألحق بعض من أنكر حرمة الجمع في العدة بالوطء (٢) حرمة ما نزل منها من اللبن على احتمال درور دونه ، ودون الولد بما كان هو سببا في ذلك كانت حرمة العدة أحق بذلك.
فالأصل : أن الحرمة قد ثبتت (٣) بالنكاح ، فلما وقعت الفرقة أشكل زوالها ؛ فلا يزال بالشك مع ما في الإزالة تعليق الحرمة بالحل أو بالملك خاصة ، وقد بينا وجوبها لا لتلك الوجوه.
ثم الأصل في النكاح : أن المقصود منه الاستمتاع ، وبحله يحل هو ، وبحرمته يحرم ؛ فيجب أن يكون هو الأصل للتحريم والتحليل ، وعلى هذا [يحرم كثير](٤) من الإماء في حق الاستمتاع بهن ، وإن لم يحرم فيهن الملك ، ويحرم بالاستمتاع في ذلك ، وإن كان الملك لا يوجب الحرمة ؛ فإذا ثبت أن الاستمتاع أحق في التحريم ، والعدة حق الاستمتاع ـ أوجبها ، فيجب أن تكون هي محرمة ؛ لذلك لم يجز نكاح الأخت فيها مع ما كانت موجبة الحرمة فيها أكثر مما يوجب في ملك اليمين ، ثم كان الاستمتاع بملك اليمين يحرم الاستمتاع بالأخت ، فالعدة التي هي مجعولة لتأكيد الحرمات وقطع المجعول للحل خاصّة أحق أن يمنع ، والله أعلم.
وعلى ما بينا إذا (٥) ثبت أن الاستمتاع هو الأصل في التحريم ، سواء له وقع من وجه يحل أو لا فيهن الحرمة حرمة الأنفس ، لا حرمة الجمع ؛ إذ لا أثر يقع له جمع.
ثم الأصل في ذلك أن تعلق الحرمات بالمحرم من الأعيان أظهر منه بالمحللة منها ، ثم كان الاستمتاع بالأعيان المحللة توجب حرمة الأمهات والبنات فهو في المحرم أحق مع ما لا يخلو أن تكون الحرمة لا تجب إلا فيما يحل ، فيجب ألا يجب في النكاح الفاسد ، ولا في وطء جارية بعد وطء الابن ، أو الملك فيهما (٦) أيضا زائل بالنسب (٧) ، فيجب ألا
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : بالواطئ.
(٣) في ب : تثبت.
(٤) بدل ما بين المعقوفين في ب : تحريم كثيرا.
(٥) في ب : إذ.
(٦) في ب : وفيهما.
(٧) في ب : أو بالنسب.